جرعة تفاؤل من صقيع روسيا‏- بقلم أحمد ضوا

يستقطب التحرك الروسي النشط إلى جانب ما يقوم به المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا لإيجاد حل سياسي للأزمة في سورية الاهتمام إقليميا ودوليا، ويحمل رغم عدم بروز أي اتجاهات واضحة ومحددة له جرعة من التفاؤل والأمل بقرب وضع نهاية سريعة لهذه الأزمة تصب في مصلحة الشعب السوري.‏

ولعل أكثر ما يلفت الانتباه هو التصريحات المتناقضة لما يسمى «المعارضة السورية المسلحة»، والتي تعكس تبعية هذه «المتعارضات» إلى مموليها بالمال والسلاح والتوجهات السياسية. ومن الطبيعي أن يجلب التحرك الروسي «التفاؤل»، فتاريخيا كانت روسيا هي الأقرب إلى سورية، وتاريخيا يوصف الشعب الروسي بـ»المحب» للسلام، ووفقا لمقولة تشرشل رئيس الوزراء البريطاني السابق والشهير بمواقفه الصريحة «إن الروس صناع سلام».‏‏

ولكن هناك الكثير من السوريين يتساءلون, كيف يكون للسلام مكان في هذا الواقع مع الحفاظ على دعم التنظيمات الإرهابية بكل أنواع السلاح والمال، وأيضا باستمرار الولايات المتحدة بمنطقها الأعوج والمخالف للقانون الدولي في محاربة داعش دون التنسيق مع الحكومة السورية صاحبة الأرض والدور الأهم في قتال هذا التنظيم الإرهابي، وتكبيده خسائر فادحة يومياً… وكذلك في غض النظر عن إسرائيل التي تدعم التنظيمات الإرهابية لوجستيا وتسليحا في جنوب وغرب سورية؟.‏‏

إن الحكومة السورية كعادتها كانت جادة في التعامل مع كل مبادرة أو تحرك لإنهاء الحرب الإرهابية التي تتعرض لها سورية، ولكن حتى الآن ورغم المخاطر الكبيرة التي تحيق بالمنطقة ما زالت الأطراف التي تقود هذه الحرب وأدواتها على الأرض غير مهتمة بإنجاح المهمة الدولية أو التحرك الروسي، ولو كان لديها مجرد توجه في هذا الشأن لأوقفت تحركاتها على الأرض كبادرة حسن نية كما تفعل الحكومة السورية في أي منطقة تظهر فيها بوادر مصالحة وطنية.‏‏

التحركان الروسي والأممي يجب أن يعملا على مسار واحد وليس في خطين متوازيين، ولكن على أرض الواقع لا نجد ذلك فبعد أن طرح دي مستورا، مبادرته بتجميد القتال في بعض أحياء حلب وذهابه إلى الطرف الآخر لم نسمع شيئا عن رد الطرف الآخر الذي استبق الأمر بطرح التجميد في حلب وإلى الحدود مع تركيا بهدف إفشال أفكار دي مستورا.‏‏

التحرك الروسي الذي يركز على الاستماع لكل الأطراف، ولم يقتصر على «المعارضة المرتهنة لأعداء سورية» التي توشك على التفكك – خلافا للتحرك الأممي- يعول عليه لأنْ يحدث فرقا عن مهمة ديمستورا، وخاصة أن أطراف المعارضة الداخلية يشتركون مع الحكومة في الثوابت الوطنية وفي الحرص على مصالح الشعب السوري الذي يعود إليه القرار في نهاية المطاف. في اعتقادي إن الشعب السوري نفض يده من دور الأمم المتحدة في حل الأزمة، لأن هذا الدور لا ينسجم مع مبادئها وميثاقها والمعول عليه الآن هو التحرك الروسي الذي لا يمكن أن يصل إلى نتائجه المرجوة إذا لم يكن منسقا عند الحسم مع القوى الأخرى وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تقود هذه الحرب الإرهابية على سورية بأدوات دولية وإقليمية وإرهابية على الأرض. الأيام القادمة ستكون حاسمة بالنسبة للتحركين الروسي و الأممي الهادفين إلى إيجاد حل سياسي «يحقق مصلحة الشعب السوري»، ولكن الثابت الوحيد في هذا الواقع أن هذا الشعب الذي صمد طوال هذه الحرب ليس بوارد التراجع عن ثوابته الوطنية ومؤمن بأن نصره في معركة الإرهاب والتآمر قريب المنال، وأن الأطراف الداعمة للإرهاب في المنطقة وصلت إلى حائط مسدود وتتلمس مخاطر ارتداده عليها في القريب العاجل، وكل ما تفعله حتى الآن هو محاولة بائسة لحفظ ماء الوجه، أما المعارضة المرتهنة للخارج فبوادر تفككها القريب مؤشر إيجابي في طريق الحل السياسي.‏‏

صحيفة الثورة

انظر ايضاً

بأجواء من الحزن الطوائف المسيحية تحيي عيد الفصح في غزة

القدس المحتلة-سانا دون أي مظاهر احتفالية وبأجواء من الحزن تحيي الطوائف المسيحية في مدينة غزة