في ذكرى حرب تشرين التحريرية.. محاربون قدماء يروون تفاصيل الحرب والانتصار فيها

دمشق-سانا

(احتلال الأرض ممكن لكن الإرادة لا يمكن احتلالها وبهذه الإرادة استطعنا خوض حرب تشرين وتحقيق الانتصار) بهذه الكلمات استحضر المحاربون القدماء ذكريات مشاركتهم في حرب تشرين التحريرية التي شكلت ملحمة بطولية مشرقة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني ونقطة انعطاف مهمة في التاريخ الحديث.

الذكرى السابعة والأربعون لحرب تشرين التحريرية تحل اليوم لتعيد قصص البطولات التي سطرها الجيش العربي السوري آنذاك دفاعا عن الأرض بمواجهته لأعتى قوى العدوان وأيضا الانتصارات المتتالية التي شهدها له العالم أجمع في السنوات الأخيرة ضد الإرهاب وداعميه.

وبنشوة النصر وكأنها بالأمس يستذكر اللواء محمد الشمالي رئيس رابطة المحاربين القدماء لفرع دمشق وأحد الأبطال الذين شاركوا في الحرب خلال حديثه لمندوبة سانا بداية التخطيط للحرب ويقول: “حرب تشرين ولدت من رحم حربي الـ 1948 والـ 1967 حيث برز التخطيط لها نتيجة عدة عوامل أولها إعادة الحق المسلوب لأصحابه وضرب الغطرسة الإسرائيلية في عقر دارها وكذلك نتيجة لمؤتمر بازل الذي انعقد بسويسرا وكانت حرب تشرين أولى الحروب التي جاءت بقرار عربي”.

وأضاف الشمالي: “كقائد كتيبة آنذاك كانت مهمتنا تحرير مدينة القنيطرة عروسة الجولان وانطلقنا في الصباح الباكر بعد تلقينا أمر الدخول إلى أرض المعركة وقدنا معارك شرسة بتغطية من الطيران بالقنابل المضيئة… لقد كان جيشنا معززاً بالقوة ومسلحاً بأنواع مختلفة من الأسلحة ومدرباً بشكل مميز كما أن التدريب الليلي ساهم بشكل كبير في الوصول إلى الهدف المرجو من المعركة وهو الانتصار الذي حصلنا عليه”.

“فرحة تحرير القنيطرة كانت لا تضاهى ولا توصف وتتالت الانتصارات نتيجة العزيمة العالية لأبطال جيشنا الباسل.. بدأنا المعركة بمنتهى الحماس والحيوية وتابعنا دون أي تخاذل.. كنا تواقين للنصر” كلمات يختم الشمالي بها حديثه.

العميد الركن محمد خير الخشة الضابط المتقاعد الذي شارك بحرب تشرين التحريرية أعاد على مسامعنا ذكريات الحرب المحفورة في ذهنه وقال: “حرب تشرين مجد وتاريخ ذهبي بالنسبة لنا كمحاربين قدماء بذلك الوقت كنت برتبة رائد ورئيس أركان فوج المدفعية “م.ط” تحركنا للمنطقة الدفاعية بشهر آب بغرض التحصين وتحسين المواقع وفي العاشر من الشهر التاسع تم تبليغي بالخبر السار والمفرح بأننا مقدمون على معركة مع العدو الصهيوني كان شعوراً لا يوصف وأول شيء طلب مني وبشكل سري هو تحضير كل الخرائط والوثائق القتالية والتعليمات بخط اليد حيث تم تصديقها ليتم في السادس من الشهر العاشر تبليغنا بالمعركة”.

في صباح اليوم السادس من تشرين الأول عام 1973 تم الانتشار بجهوزية تامة للاشتباك مع العدو انتظاراً لساعة الصفر الثانية ظهراً وفق العميد الخشة ويتابع: “بدأ الطيران الصديق بالمرور إلى الخط الأمامي بالتوازي مع بدء قصف المدفعية والصواريخ على مواقع العدو.. هذه اللحظة كنا ننتظرها منذ وقت طويل وفي تمام الثانية والنصف بدأت الحوامات الخاصة بالهبوط على مرصد جبل الشيخ وفي صباح اليوم الثاني تم الاشتباك مع طائرات العدو وإسقاط اثنتين منها بصواريخ أرض جو شكلت مفاجأة للعدو حيث دمرت أدواته وبدأت تنهار الأسطورة التي كان يتبجح بها بأنه جيش لا يقهر”.

وأوضح اللواء المتقاعد صبحي الطيب أحد أبطال حرب التحرير والذي كان قائداً في القوات الخاصة آنذاك أنه تم الاعتماد على التدريبات الرياضية القاسية والتركيز على تسلق الجبال والكمائن والاغارات وعلى دروس اللياقة البدنية وبعدها تم التدريب على الرمايات بكل أنواع الأسلحة والانزالات الجوية بمنطقة الصحراء التدمرية حتى تم إبلاغهم بأن ساعة الصفر ستكون عند الساعة الثانية ظهراً في السادس من شهر تشرين الأول وهنا كانت القوات الخاصة تتمتع بلياقة بدنية عالية ومشبعة بالمعنويات المرتفعة والإيمان الشديد بالوطن والتضحية في سبيل هذه الأرض.

وتابع: بدأت رمايات المدفعية وطيران الجيش بالعمل ضمن الخطة المرسومة وتحركت في تلك اللحظة 4 حوامات خلف سلسلة جبال حرمون ووصلت الى المرصد المعادي لضربه وتمت السيطرة على حامية المرصد بشكل كامل وإبلاغ المقر العام بذلك ما أثر في الهجوم على الجولان كما أن تحرير المرصد شكل نقطة أساسية في هذه الحرب باعتباره أول عقل الكتروني لما يحويه من أحدث الأجهزة السلكية واللاسلكية وأجهزة الاتصالات.

حرب تشرين التحريرية التي قادها القائد المؤسس الخالد حافظ الأسد شكلت منعطفاً تاريخياً في الصراع مع العدو الإسرائيلي ودرساً يستفاد منه في الذود عن الوطن ولاستعادة الحق والكرامة العربية لتتجسد مقولة” ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة “.

مدى علوش

انظر ايضاً

(من حرب تشرين التحريرية إلى طوفان الأقصى) .. ندوة في اتحاد الكتاب العرب

دمشق-سانا بمناسبة الذكرى الخمسين لحرب تشرين التحريرية ومعركة طوفان الأقصى أقام اتحاد الكتاب العرب ورابطة …