تجربة أدبية تصوغ مادتها من معاناتها مع الغربة شعراً ورواية عند صالح الحاج

دمشق-سانا

يحفل الوسط الأدبي بأسماء تكتب في الشعر والقصة والرواية دون أن تحظى بكثير من الشهرة وقد تمر فترة طويلة حتى يسلط الضوء على هؤلاء كما حصل مع الشاعر والروائي صالح الحاج بعد أن فاز مؤخرا بالمركز الأول في مسابقة الإبداع الروائي عن عمله (الرجفة).

ويوضح الحاج في حوار مع سانا أن صلته بالأدب بدأت مع الشعر لا الرواية حيث تعلق بديوان العرب منذ الصغر ونظم القصائد العمودية وبعد تخرجه في معهد إعداد المعلمين أوفد إلى الخارج فشارك هنالك بالمنتديات الأدبية وتجلى أثر الغربة في شعره.

ولفت الصالح إلى أن ديوانه الأول (أوراق لخريف العمر) يحتوي ما يناهز الخمسين قصيدة من النمط العمودي وقصيدتي تفعيلة وهي من حيث المضمون تحتفي بالوطن وخاصة مسقط رأسه البيئة الفراتية وهي مليئة بالحنين والشجن وتصف معاناة الغربة والمغتربين.

أما في ديوان بوح السنديان فيتحدث عن الغربة وعن الذات المتعبة مشبها ذاته كسنديانة عاشت متاعب الغربة وصعوباتها كما تميز بمسحة فراتية تحمل الشجن والحنين إلى الوطن لافتا إلى أن لديه مجموعة مخطوطة ستصدر قريبا باسم النهر العطشان باللهجة الفراتية التي دفعت الكثيرين إلى تلقيبه بشاعر الفرات.

وحول كتابته للشعر المحكي يوضح الصالح أنه حين يكتب هذا النمط يسعى لاختيار المفردة القديمة وإنقاذها من الموت وإحيائها وخاصة أن تلك الكلمات لها علاقة بحياة أجدادنا وواقع تلك الأيام مبينا أنه حين يكتب باللهجة الفراتية تتدفق المعاني ويصبح قلمه سيالا بشكل عفوي.

أما بالنسبة لرواية الرجفة التي حصلت على الجائزة فأوضح الحاج أن العمل يحمل الكثير من الدلالات فهو أيضا تناول الغربة ومرارتها والصراع الذي عاشه المهاجر في الخارج والحنين للوطن والحبيبة والأسرة ما أحدث شرخا عميقا في حياته ليلتقي بالإنسانة التي يحبها بعد رجوعه لبلاده ولكنه وجد كل الأحلام التي بناها سرابا جراء العادات والتقاليد والجهل والعقليات المتحجرة مبينا أنه حمل روايته مناجاته للفرات وتصويره مآسي الناس ومعاناتهم عبر الوصف والحنين للأماكن وتعلقه بها والاغاني والبيئة الفراتية.

كما حمل الحاج روايته الكثير من الاسقاطات الذاتية رغم أنها ليست صورة طبق الأصل عنه فالراوي يسير بالأحداث وفق منهجية وتكتيك تأخذه إلى أماكن لم يخطط لها ومع ذلك فالبطل يحمل الكثير من صفات الحاج وهنالك تقاطعات في عشقه للفرات والوطن والعاطفة الجياشة والاغتراب.

ويختم الحاج الحوار بالإشارة إلى أن ما يقدم من نتاج أدبي اليوم رغم غزارته ليس بمستوى ما قرأناه في القرن المنصرم وربما يعود ذلك “إلى ضعف المخزون الثقافي لبعض الكتاب الحاليين قياسا برموز الأدب في الماضي”.

بلال أحمد