الباولونيا والآزولا… لماذا أصدرت وزارة الزراعة قراراً بمنع زراعتهما؟

دمشق-سانا

إدخال أي نوع نباتي على أرض زراعية يحتاج إلى جملة من الشروط والمعايير الدقيقة المتعلقة بالبيئة والمناخ لتأمين نمو سليم له وإلا فمن الممكن أن يسيطر هذا النوع على البيئة الزراعية بشكل سلبي ويتحول إلى نبات غاز يصعب السيطرة عليه هذا ما أثبتته اللجنة المكلفة من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي بدراسة واقع النباتات المدخلة الغازية مثل (الباولونيا والآزولا).

زراعة (أشجار الباولونيا ونبات الآزولا) لقيت تباينا بالآراء في الآونة الأخيرة بين المؤيد لزراعتها لأهميتها الاقتصادية والمحذر من مخاطرها على المدى الطويل.. إلا أن وزارة الزراعة ترجمت رأيها أخيرا على أرض الواقع بإصدار قرار بمنع زراعتهما إلا لأغراض البحث العلمي وهو الأمر الذي تابعته سانا لمعرفة الأسباب والتفاصيل المتعلقة بهذا النوع من النباتات.

معاون المدير العام للهيئة العامة للبحوث الزراعية الدكتور بهاء الرهبان أوضح في تصريح لمندوبة سانا أنه على الرغم من الآمال المعقودة على النباتات المدخلة في دعم الاقتصاد الوطني مثل الباولونيا والآزولا إلا أنه نتيجة للدراسات العلمية والبحثية الدقيقة ثبتت خطورة هذين النوعين في التأثير على التنوع الحيوي والبيولوجي للبيئة حيث تتحول إلى نباتات غازية يصعب السيطرة عليها وتنافس الزراعات المحلية في الغذاء والماء والتربة ما دعا وزارة الزراعة إلى إصدار قرار في الـ 24 من تشرين الثاني الماضي بمنع نقل وتداول وزراعة هذه النباتات إلا لأغراض البحث العلمي.

وتعرف الباولونيا في التوصيف النباتي الأكاديمي بأنها شجرة سريعة النمو تعيش لمدة تتراوح بين 85 و100 عام يقطع خشبها مرة كل 5 أعوام ثم تعود للنمو مجددا أما الآزولا فهو نبات مائي سرخسي يعيش في البرك والمستنقعات يحتاج إلى توافر ظروف بيئية يصعب تأمينها في سورية.

“وبالنسبة للآزولا فعلى الرغم من الميزات العديدة لاستخدامه كعلف لتغذية الدواجن والثروة الحيوانية والسمكية إلا أن زراعته على نطاق واسع تحفها الكثير من المخاطر” وفق ما يؤكد الدكتور الرهبان مبينا أن هذا النبات ينمو بسرعة عالية فيغزو المسطحات المائية والسدود فضلا عن كونه يحتاج لكميات كبيرة من المياه التي يجب تجديدها بشكل كامل كل عدة اشهر وهي كميات لا يستهان بها.

وفيما يتعلق بزراعة أشجار الباولونيا فهي ليست بالجديدة ضمن الأراضي السورية حيث تم إدخالها إلى البلاد منذ 30 عاما بقصد استخدامها في الزينة ولكن تزايد الاهتمام بها خلال العام الحالي كشجرة منتجة للأخشاب وتربية النحل وفق الدكتور الرهبان الذي لفت إلى أن إدخال هذا النوع من الأشجار سابقا لم يكن بإذن مسبق من الجهات المعنية بوزارة الزراعة وتمت زراعته بشكل فردي قبل دراسته بالشكل المطلوب.

الاستغناء عن زراعة الباولونيا بغرض الزينة والتحول لزراعتها حراجيا أظهر مدى خطورتها وهو ما أوضحه مدير الموارد الطبيعية في الهيئة العامة للبحوث الزراعية الدكتور محمد منهل الزعبي بقوله إنه بالرغم من الميزات الإنتاجية لأشجار الباولونيا في موطنها الأصلي إلا أن استعمالها في التشجير الحراجي له الكثير من العواقب التي تظهر مع الزمن من خلال قدرة هذا النوع على الانتشار السريع بفعل بذوره المجنحة وصغيرة الحجم والتي تطير لأماكن مختلفة وبالتالي تنمو أحيانا في بيئات صعبة كشقوق الأرصفة والطرقات وأطراف المزارع والحدائق وهي نباتات جاذبة للحشرات.

وفي رده عمن يدافع عن زراعة الباولونيا لأن أخشابها خفيفة الوزن وذات جدوى اقتصادية نفى الزعبي هذه الفائدة لأن هناك أنواعا شجرية معروفة في سورية وذات جودة خشبية أفضل بكثير من الباولونيا مثل (الحور والدردار) موضحا أن الباولونيا شجرة شرهة للماء وتحتاج لكميات لا تتوافر من الهطل المطري السنوي ما يستوجب توفير مقنن مائي عال يمكن الاستفادة منه في المحاصيل الاستراتيجية أكثر كالزيتون كما أنه لا يتحمل الرياح الشديدة أو الصقيع ويتطلب أراضي خصبة وعالية المحتوى من المادة العضوية وإذا اعتبره البعض أنه من الأنواع المقاومة للحرائق فلا بد من معرفة أن هذه الميزة تنطبق على جل الأنواع الغابية الطبيعية في سورية.

يذكر أن هناك أنواعا أخرى من النباتات التي سيطرت على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وغير الزراعية ومنها (الباذنجان البري) و(زهرة النيل السامة) وهو ما يستدعي تضافر كل الجهود في الوزارات والجهات المعنية وأصحاب الاختصاص للتوعية والتنبيه بضرورة الابتعاد عنها وعدم زراعتها وإيجاد برامج ممنهجة للقضاء عليها في الأماكن التي تظهر فيها.

محاسن العوض