هل يعلن الاحتلال انتهاء مسرحية اختطاف المستوطنين؟-الوطن العمانية

يبدو أن كيان الاحتلال الإسرائيلي عازم على بث الفوضى في أوساط الشعب الفلسطيني ليتحقق له الهدف وهو تصفية القضية الفلسطينية من خلال شق المجتمع الفلسطيني، وإعادة نكأ جروح الانقسام وإعادة الفلسطينيين إلى المربع الأول ليتسنى له مواصلة التهام ما بدأه من مشروع احتلالي استيطاني يأتي على كامل الأرض الفلسطينية، مستغلّا في ذلك حالة الفوضى والإرهاب المستشرية في ربوع دول المنطقة وبروز ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” على سطح الأحداث، ومحاولة المستفيدين من هذه الظاهرة الإرهابية وفي مقدمتهم كيان الاحتلال الإسرائيلي وحلفاؤه وداعموه في حرف الأنظار عن الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وتصوير الظاهرة “الداعشية” على أنها الدهماء التي تهدد العرب كل العرب دون استثناء. مضيفا إلى هذه الظاهرة الإرهابية مسرحية حادثة اختفاء ثلاثة من قطعان المستوطنين، وهي في ظاهرها مسرحية من إخراج “موسادي وشاباكي” وفي باطنها ظاهرة إرهابية لا تقل عن ظاهرة “داعش” الإرهابي، حيث كانت ـ بغض النظر عن من يقف وراء عملية الاختطاف ـ عبارة عن مشروع إسرائيلي استعماري ذي أبعاد استراتيجية.
ويشي ذلك في محاولة التوظيف لمسرحية اختفاء المستوطنين الثلاثة، فبعد أن استثمر اختفاءهم الذي لا يزال يطلق عليه صفة “اختطاف” في الممارسات الإرهابية والعقاب الجماعي ضد الشعب الفلسطيني، والإصرار على محاولة إفشال اتفاق المصالحة الذي وقعته حركتا فتح وحماس مؤخرا، ها هو كيان الاحتلال الإسرائيلي يخرج على العالم بأنه قد عثر على جثث المستوطنين الثلاثة في حفرة في مدينة الخليل؛ أي تغيير قواعد اللعبة، فواضح أن المحتلين الإسرائيليين أدركوا أنهم لم يحصدوا سوى الفشل من توظيف اختفاء المستوطنين وهم أحياء، وبالتالي يحاولون التوظيف وهم أموات في الإجهاز على حركة حماس التي هددها صراحة المتطرف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وإضعاف السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس لإجبارها على تقديم المزيد من التنازلات، وفض اتفاق المصالحة مع حركة حماس ومواصلة الاستيطان.
في العمل الاستخباراتي من السهل ترتيب الحجج والمبررات وتلفيق التهم، بابتداع وسائل وأساليب أو تنفيذ جرائم وخدع لتنفيذ مخطط ما، وبالتالي لا تعدم جعبة الموساد الإسرائيلي ذات الخبرة العالية وسيلة بأن تلجأ إلى مثل هذه الأساليب القذرة لتوظيفها في إهلاك الشعب الفلسطيني وإفنائه وتصفية قضيته، حيث تتولى الأبواق الإعلامية والدبلوماسية والسياسية الإسرائيلية تضخيم الأمور وصولا إلى الأهداف المرسومة.
وهذا يدفعنا إلى التذكير بأن كيان الاحتلال الإٍسرائيلي يعود إلى ارتكاب الخطأ والتناقض مرة أخرى، وهذا يعني أنه ينشر من الآن بذور أزماته المقبلة، فالإصرار على تفريغ المفاوضات من أي مضمون ونجاح حقيقي لعملية السلام، وكذلك الإصرار على تمزيق الفلسطينيين للاستفراد بهم يعدان خطأ وتناقضا. كما أن هناك خطأ أكبر يتم ارتكابه الآن وهو توسيع استعمار الضفة الغربية بالاستتار خلف اتفاق المصالحة واختفاء المستوطنين الثلاثة وإعلان موتهم، والسعي إلى خنق الأراضي المحتلة وبخاصة في محيط القدس المحتلة بالجدار العنصري الفاصل وتسمين البؤر الاستعمارية وإخلاء القدس الشرقية من سكانها العرب.
إذا، أقل ما يمكن أن يقال عن كل ذلك، أنها محاولات إسرائيلية مكشوفة مفضوحة، ولكن يعتمد إفشالها وفضحها على التعامل الجاد من قبل الفلسطينيين وتحديدا حركتي فتح وحماس.

رأي الوطن

انظر ايضاً

الوطن العمانية: عودة سورية إلى الجامعة العربية تعيد الدور العربي لمكانته الصحيحة

مسقط-سانا أكدت صحيفة الوطن العمانية في افتتاحيتها اليوم أن العودة السورية إلى الجامعة العربية تمثل …