بوتين: الأحداث في أوكرانيا برهنت على عدم تقبل الغرب لسياستنا المستقلة

موسكو-سانا
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الأحداث الجارية في أوكرانيا هي تتويج للتوجهات السلبية في الشؤون الدولية والتي تراكمت خلال سنوات وقد برهنت على تفاقم عدم تقبل الغرب للسياسة المستقلة لروسيا مشددا على أن بلاده لن تتخلى عن هذه السياسة.
وقال بوتين في كلمة أمام السفراء والممثلين الدائمين لروسيا الاتحادية اليوم في موسكو “نحن حذرنا من هذه الاحداث سابقا ولكن للأسف توقعاتنا بدأت تتحقق” مضيفا أن “عدد المناطق المصابة بالحمى المزمنة يزداد أكثر فأكثر على خارطة العالم ويزداد عدد المناطق التي تعاني من نقص في أمنها”.
واعتبر بوتين أن الأحداث في أوكرانيا هي نتيجة “سياسة الاحتواء الموجهة ضد روسيا” وقال “ينبغي علينا أن ندرك أن الأحداث المختلقة في أوكرانيا أصبحت تعبيرا مكثفا لسياسة المنع سيئة الصيت” مشيرا إلى أن جذور هذه السياسة “ضاربة في عمق التاريخ ومن الواضح أنها لم تنته للأسف حتى بعد انتهاء الحرب الباردة”.
وأوضح بوتين أن “أولئك الذين يستمرون في التأكيد على استثنائيتهم الخاصة يكرهون بشدة السياسة المستقلة لروسيا و ان الاحداث الأوكرانية أكدت أن نموذج المعايير المزدوجة غير فعال في العمل مع روسيا”.
وفي وصفه للوضع الدولي العام قال بوتين “إننا للأسف غالبا ما نشاهد عدم عمل القانون الدولي ولا تحترم قواعد السلوك العام ويسود مبدأ الإباحية فيها” لافتا إلى أن ذلك ما يجري على سبيل المثال في أوكرانيا.
وقال الرئيس الروسي “إن مواطنينا في أوكرانيا أصبحوا مهددين بالأخطار فالمواطنون الروس ومن القوميات الأخرى أصبحت لغتهم وتاريخهم وثقافتهم وحقوقهم القانونية في خطر بالرغم من ضمان المعاهدات الأوروبية لها” متسائلا أي رد فعل ينتظر شركاوءنا منا في هذه الحال التي تتطور الأحداث الأوكرانية فيها.
وأعرب الرئيس الروسي عن أمله في ألا يستمر الغرب في إملاء مبادئه على الدول الأخرى ويبدأ ببناء العلاقات على أسس المساواة والاحترام المتبادل والمصالح المتبادلة وقال “آمل في أن تسود البراغماتية أخيرا وأن يتخلى الغرب عن طموحات في رغبة منه ببناء ثكنة عالمية وتصنيف العالم في مراتب وفرض قواعد موحدة لسلوك وحياة المجتمع”.
وأشار بوتين إلى أن روسيا في السياسة الخارجية “تنطلق بثبات في حل القضايا الدولية والإقليمية من ضرورة البحث ليس عبر المواجهة بل من خلال التعاون ومن خلال إيجاد التوافقات” مضيفا “نحن نقف مع سيادة القانون الدولي عبر الدور الريادي لمنظمة الأمم المتحدة والقانون الدولي الذي يجب أن يكون ملزما للجميع ولا يستخدم انتقائيا لحماية مصالح دول معينة مختارة أو مجموعة من الدول”.
وحول العلاقات بين موسكو و واشنطن قال بوتين “العلاقات الثنائية الآن ليست في أفضل حالاتها.. هذه حقيقة.. لكن هذا ليس بسببنا أبداً.. روسيا ليست السبب في ذلك// مضيفا // لا نية لدينا البتة بوقف علاقاتنا مع الولايات المتحدة الأمريكية”.
أما عن العلاقات مع الصين فأكد بوتين تصميم بلاده على تعزيز علاقات الشراكة معها في مختلف المجالات مشددا على نزاهة الصداقة بين البلدين وعلى أنها غير موجهة ضد بلدان أخرى وقال “من المهم مبدئيا معرفة أن الصداقة الروسية الصينية ليست موجهة ضد أحد بل على العكس من ذلك هي تعتبر مثالا ساطعا على
التعامل العادل والمحترم والمثمر بين الدول في القرن الحادي والعشرين”.
من جهة ثانية أكد بوتين ان موسكو غير معنية بصيغ الحوار الدولي التي يترك لموسكو في إطارها دور المراقب الغريب.
وأضاف “لا يتعين علينا التضحية بمصالحنا الحيوية، فقط لكي يسمح لنا بالجلوس جانبا” وعبر عن قناعته بعدم إمكانية توحيد معايير التطور العالمي لكن يجب البحث عن نقاط تماس مشتركة.
وقال “من غير الممكن توحيد معايير التطور العالمي.. لكن من الممكن ويجب البحث عن نقاط تماس مشتركة وأن نرى في بعضنا البعض.. ليس كمنافسين فقط بل كشركاء ايضا ويجب بناء التعاون بين مختلف الدول واتحاداتها ومؤسساتها التكاملية”.
ودعا الرئيس الروسي إلى تعزيز التعاون مع دول منطقة آسيا والمحيط الهادىء وقال “يجب أن يكون الهدف الأساسي لسياسة روسيا في منطقة آسيا والمحيط الهادىء هو حماية أمن حدودنا الشرقية ودعم السلام والاستقرار في المنطقة ومما لا شك فيه أن رئاسة روسيا القادمة في منظمة شانغهاي للتعاون وعقد قمة هذه المنظمة وقمة مجموعة بريكس في أوفا في صيف 2015 سيساعد على ذلك”.
وأوعز بوتين الى وزارة الخارجية الروسية اعداد مجموعة شاملة من المقترحات لحماية أوروبا من تكرار ما جرى في كل من سورية وليبيا والعراق واوكرانيا فيها مع التركيز بشكل خاص على عدم جواز محاولات التأثير على العمليات السياسية الداخلية من الخارج.
وقال “إننا جميعا في أوروبا بحاجة إلى شبكة أمان كي لا تصبح السوابق الليبية والسورية والعراقية والأوكرانية أمراضا معدية لنا”.
وكان بوتين اوضح خلال عرضه للوضع في اوكرانيا أن الهدنة في أوكرانيا كانت غير كافية ولم تبدأ المباحثات بين الأطراف المتنازعة و قال إن “إعلان الهدنة مع مفاوضات عن بعد يعني عدم بدء المباحثات عمليا ولم يكن هناك سوى انذار بنزع السلاح” مشيرا إلى أن “إعلان الهدنة أمر جيد ولكنه غير كاف لتسوية الوضع على أسس دائمة ومناسبة لجميع المواطنين القاطنين في البلاد بما فيها في جنوب شرق أوكرانيا”.
وأشار بوتين إلى أن المسؤولية عن استئناف المواجهات القتالية تقع على الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو وقال “للأسف أن الرئيس بوروشينكو اتخذ قرارا باستئناف العمليات العسكرية ولم نتمكن /أي أنا وزملائي في الاتحاد الأوروبي/ من اقناعه بأن الطريق إلى سلام آمن وثابت ودائم لا يمر عبر الحرب”.
وأوضح بوتين أن الرئيس بوروشينكو لم يكن له علاقة مباشرة بقرارات الحرب أما الآن فقد أخذ على عاتقه هذه المسوءولية كاملة وليس العسكرية فقط بل والسياسية أيضا والتي تعتبر الأهم”.
وأعرب بوتين عن شجبه لاستهداف الصحفيين الروس في المناطق الجنوبية الشرقية من أوكرانيا وقال إن “قتل الصحفيين غير مقبول اطلاقا وقد ذكرت أمس الرئيس الأوكراني بذلك مرة أخرى” لافتا إلى أنه “يجري العمل على إبادة ممثلي وسائل الإعلام عن قصد وهذا يخص الصحفيين الروس والأجانب أيضا”.
وأشار الرئيس الروسي إلى أن موسكو عملت دائما وستواصل العمل على مد خط الغاز /التيار الجنوبي/ بالمشاركة مع الدول الأوروبية بالرغم من الصعوبات المعروفة التي تعترضها في هذا الصدد موضحا أن أوساط رجال السياسة والأعمال الأوروبيين أصبحوا على قناعة تامة في أن “البعض يريد تسخير أوروبا لتأمين مصالح جهة ما وأنها تصبح رهينة للسياسة القصيرة النظر والنهج الموءدلج للبيروقراطية في بروكسل”.
وفي وقت لاحق ترأس الرئيس بوتين جلسة لمجلس الأمن القومي الروسي جرى خلالها بحث مستفيض للوضع في اوكرانيا الذي أخذ يتدهور بسرعة خاطفة بعد ان اصدر الرئيس الأوكراني أمرا بإلغاء وقف إطلاق النار .
واعلن دميتري بيسكوف الناطق الصحفي باسم الكرملين انه نوقشت في سير الجلسة ايضا مختلف جوانب الإعداد لعقد مؤتمر القمة الرابع لقادة الدول المطلة على بحر قزوين المقرر خريف السنة الجارية .

انظر ايضاً

مرتيني يناقش مع المعنيين في درعا سبل تطويرها السياحة الداخلية والشعبية

درعا-سانا تركز اجتماع وزير السياحة المهندس محمد رامي مرتيني مع الجهات المعنية في محافظة درعا …