دراسة مقارنة للمقولات بين الفيلسوفين أرسطو وكانط ضمن كتاب جديد

دمشق-سانا

يقوم كل نسق فلسفي على مجموعة من المفاهيم الرئيسة أو المقولات ولكل فيلسوف طريقته الخاصة في توظيف مقولاته والربط بينها لتشكيل نسقه الفلسفي الخاص الذي يجعله مميزاً عن غيره.

والمقولات تعد الأدوات المعرفية لكل تجربة فلسفية ولها دلالات متباينة باختلاف غايات الفلاسفة وأهدافهم ويعد البحث فيها وتعريفها وتبيان طبيعتها والكشف عن أنواعها وتصنيفاتها وتوظيفها من القضايا الجديرة بالبحث والاهتمام وهو ما قام به كتاب “المقولات بين أرسطو وكانط” للدكتورة أحلام عبد الله.

الكتاب الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب جاء كدراسة علمية ركزت في تحليلاتها ومقارناتها على فيلسوفين تشكل المقولات البنية الأساسية في فلسفة كل منهما هما اليوناني أرسطو والألماني كانط اللذان مثل كل منهما مرحلة نقدية في تاريخ الفكر الفلسفي.

واتبعت الدراسة في الكتاب المنهج المقارن للكشف عن نقاط الالتقاء والاختلاف بين أرسطو وكانط لتحديد الغاية من استخدام المقولات كما اعتمدت على المنهج النقدي أداة فكرية فعالة تساعد على الالتزام بالموضوعية والحياد وتجنب الوقوع في الأحكام المسبقة.

الكتاب الذي جاء في 335 صفحة قسم إلى مقدمة وخمسة فصول وخاتمة حيث حمل الفصل الأول عنوان “الإطار التاريخي للمقولات” وحاولت فيه الباحثة الكشف عن الإرهاصات الأولى لعملية تشكيل المقولات وتوظيفها في تاريخ الفلسفة فبدأت بدراسة المقولات في الفلسفتين الهندية واليونانية قبل أفلاطون ودراسة مقولات المدرسة الفيثاغورية وتحليلها وبينت دور المقولات في تفسير العالم وما يحدث فيه من تغيرات.

والفصل الثاني “نظرية المقولات الأرسطية” تطرقت الباحثة فيه إلى أصل هذه المقولات وميزت بين ثلاثة آراء متباينة حول أصلها وهي المنطقي ثم اللغوي والأنطولوجي.

وخصص الفصل الثالث “المقولات على المستوى الطبيعي والأنطولوجي والميتافيزيقي” لمعرفة دور المقولات الأرسطية في فلسفة صاحبها الطبيعية والأنطولوجية والميتافيزيقية فمنها ما يعبر عن حقيقة الشيء أو جوهره ومنها ما يعبر عن بعض أعراضه.

“المقولات وأثرها في النظرية النقدية عند كانط” كان عنوان الفصل الرابع الذي سعت فيه الباحثة إلى توضيح الدور النقدي للمقولات فعمدت إلى دراسة المنطق الترانسندنتالي “فلسفة التعالي” الذي جاء به كانط لتكشف عن آليته بوصفه أداة تضع الأسس والشروط والقواعد والمقولات التي تقوم عليها المعرفة وقوانين تعيين حدودها وطبيعتها مقارنة بينها وبين المنطق الأرسطي.

وعرضت الباحثة في الفصل الخامس “المقولات وأبعادها الابستمولوجية (المعرفية) عند كانط” طريقة هذا الفيلسوف في توظيف المقولات والذي كان يختلف تماماً عن التوظيف الأرسطي لها فللمقولات عند كانط دور معرفي لذلك قامت الباحثة بدراسة استنباط لقائمة هذه المقولات لتبيان أهميتها في عملية المعرفة.

وفي خاتمة الدراسة عرضت المؤلفة بشكل مكثف الأجوبة التي خرجت بها من تحليل المقولات عند كل من أرسطو وكانط عبر منهج تحليلي وتركيبي فالتحليل ساعد الباحثة في الولوج إلى عمق النصوص الفلسفية ومحاولة فهم الآلية التي وظفت بها عند كل من الفيلسوفين واعتمدت التركيب في إعادة بناء الأفكار التي كشفت عنها بالتحليل للوصول إلى رؤية فلسفية تحدد من خلالها بنية المقولات وموقعها وكيفية توظيفها عند كل منهما.

يذكر أن الدكتورة أحلام عبد الله من مواليد حلب 1980 حاصلة على شهادة دكتوراه بالفلسفة اختصاص منطق تقليدي من جامعة دمشق وعضو هيئة تدريس في جامعة حلب كلية الآداب والعلوم الإنسانية وتشغل حالياً منصب رئيس قسم الدراسات الفلسفية وهي عضو في اللجنة الوطنية لأخلاقيات المعارف العلمية والتكنولوجية ولها العديد من البحوث المنشورة.

رشا محفوض

انظر ايضاً

(مفكرون.. من ماركس وتولستوي إلى سارتر وتشومسكي)… كتاب جديد لـ “بول جونسون” من إصدارت الهيئة العامة السورية للكتاب

دمشق-سانا هل المفكرون مؤهلون أخلاقياً لتقديم النصح والإرشاد للبشرية.. وهل تتطابق ممارساتهم في حياتهم