الكساسبة.. ومحاولة خلط الأوراق

لا شك  في أن إحراق إرهابيي “داعش” الطيار الأردني معاذ الكساسبة، جريمة يندى لها جبين الإنسانية لجهة الطريقة التي تمّت بها، والتي لم نشاهدها إلا في أفلام هوليوود، لكن بدأت تتضح بعدها ملامح لعبة استخباراتية أمريكية لا تخلو من أصابع “موسادية،” لاستخدام دم الطيار الضحية ذريعة لاستكمال المخطط الصهيوأميركي في سورية.

فبعدما فشل الوكلاء من مجموعات إرهابية على اختلاف مسمياتها في تحقيق الأهداف المرسومة، بات لزاماً تدخل “الأصلاء” لإعادة خلط الأوراق، وهذا يتطلب بالطبع حدثاً صادماً يمكن من خلاله بدء مرحلة جديدة في الحرب، ومن هنا، فعملية قتل الطيار الكساسبة أثارت حولها تساؤلات عدة، لعل أبرزها: إسقاط طائرة الـ “إف 16″ وقع في ظروف غامضة، ولم يعلن عمّن أسقطها، والثابت الوحيد أن تنظيم “داعش” لم يسقطها باعتراف التنظيم نفسه والبنتاغون الأمريكي.

وثانياً: الإعلان عن مقتل الطيار جاء بعد نحو شهر من تصفيته، وفي اليوم الذي كان  فيه الملك الأردني يزور واشنطن ويلتقي أوباما ومن ثم عودته في اليوم التالي إلى بلده، وإعلانه عن عمليات ضد تنظيم داعش حتى “القضاء” عليه، وهي تصريحات أكبر من حجم الأردن سياسياً وعسكرياً من جهة، وتتماهى مع تصريحات أوباما “الدنكوشوتية”، والتي لم نر منها أي انعكاس على أرض الواقع من جهة ثانية.

وثالثاً إرسال دولة الإمارات سرب طائرات لمساعدة الأردن في عمليته “الانتقامية”، بعد أيام من تعليق تعاونه مع “التحالف”، لم يكن بالتأكيد صدفة أو إعادة حسابات.

ورابعاً، وهو الأهم، نشر الأردن فرقة مدرعة على الحدود السورية العراقية، غداة إعلان البنتاغون تشكيل قوة برية انطلاقاً من الأراضي العراقية لمحاربة “داعش”، يؤكد أن جملة ما جرى من “الألف إلى الياء” كان مخططاً له بعناية للوصول إلى الهدف المنشود لإعادة الجيوش الأمريكية إلى أرض العرب، بعدما خرجت تحت جنح الظلام قبل عامين جراء الضربات التي تلقتها من المقاومة العراقية.

إذن، فإن الأطراف المتآمرة على سورية تعمل على توريط الأردن في لعبة أكبر من حجمه من خلال زجه في صراع مع دولة شقيقة بذريعة محاربة الإرهاب، يكون من أخطر نتائجها حرف بوصلة الصراع من عربي- صهيوني إلى عربي-عربي ويخدم التنظيمات التكفيرية الصهيووهابية الساعية لتنفيذ أجندات أبعد ما تكون عن مصالح شعوب المنطقة.

قبل يومين أكد وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم “حرص سورية على الدفاع عن سيادتها الوطنية، وأنها لا تسمح لأحد بخرقها”، وعليه فإن أي مغامرة من الأطراف المشاركة أو المتعاونة في الحرب على سورية هو عدوان لابد من مواجهته، وهذه رسالة يجب أن يفهمها القاصي والداني، وكل من يفكر بانتهاك السيادة، إذ سيكون الجيش العربي السوري له بالمرصاد.

سورية بجيشها وشعبها وقيادتها، بالتعاون مع أصدقائها، قادرة على دحر الإرهاب وإعادة المتآمرين على أعقابهم خائبين، ولنا فيما يحققه بواسل جيشنا بالتعاون مع المقاومة الشعبية من إنجازات نوعية، وخاصة على الجبهة الجنوبية، خير شاهد على ذلك.

بقلم: عماد سالم