ذاكرة الأوجاع لريم معروف نصوص نثرية ارتقت إلى مستوى الشعر

دمشق-سانا

ذاكرة الأوجاع نصوص نثرية تباينت في مواضيعها التي رصدت فيها الشاعرة ريم معروف أوجاعا متناثرة لتجعلها باقة شوق في أمكنة مختلفة بأسلوب نثري ارتقى إلى مستوى الشعر نظرا لما استخدمته من براعة في تقنيات التكوين.

وتعتمد ريم معروف في مجموعتها استعارة الألفاظ لتجعل منها كنايات عن وجع كبير يهدد الإنسان فترصد الصورة وتقابلها بأشكال مختلفة كما في نصها “رجع ناي” الذي جاء فيه..

إنها الشمس

تلبس في ساقيها خلاخل

وتعدو كغزالة

فوق قبر الحياة.

كما لجأت معروف لتكوين حالة موازية لحب كبير أشارت إليها بدلالات اختارتها بشكل عفوي ثم طرحتها بأسلوب تقريري معبرة عن إخلاصها الذي أدى إلى ثقة وهي تطلب من الآخر أن يجرد سلاحه ويتبعها وتدرك أنه سيفعل لأن الترابط البنيوي في قرار النص جاء متماسكا تقول في قصيدة “وطن على رصيف المطر”..

ساومت على لقائك عمرا

لأمشي معك انكسارا

تحت المطر فجرد سلاحك من الأسئلة.

وتلجا معروف في بعض نصوص المجموعة إلى تكوين عواطفها في روئ فلسفية وصلت إليها بعد أن عاشت طقوس الحياة التي أوحت بمكونات الرؤيا إلا أنها سردت نصها وفق طرح فلسفي بحكاية نفسية تقول في نصها “فلسفة الحكاية”..

ثمة ما يشبع الفرح ….. يرحل مثل فراغ قديم

وعمر عبثت الانتماءات ….. مثل فجر شحيح

لم يلق عليه أحد تحية الصباح

وفي بعض النصوص ترى الشاعرة معروف أن هناك في مكونات الكون الجميلة تختبئ إيحاءات كثيرة يتجسد فيها الحزن والفرح والحلم وترقد وراءها كائنات جميلة كثيرا ما تشبه الإنسان في تحولاتها الحياتية وفي تعاطيها مع مسببات الوجع والانتظار والبعد دون أن يطرأ تغيير على أسلوب نص الشاعرة علما أنها جاءت بصورة مختلفة تماما عن نظيراتها كقولها في نص “خلف المطر”..

خلف المطر… في مطلع خريف ما

كانت ترقد سنونوة حائرة

إلى جوار رجل مسح عن جبينه مأساة السفر.

وتعمد معروف على تشكيل صور خيالية كناية عن حب كبير يرقد في هواجسها لا تفصح عنه لأنه غير محدود الهوية قد تقصد رجلا أو وطنا في الوقت الذي تأتي الصورة مكتملة الجوانب بكلمات معدودة تعوض عن كثير من مقومات الشعر أمام بهائها وسطوتها على الخيال تقول في نصها النثري “في الرمال”..

في كل مرة يسافر في عينيك بحر وتستقر جزيرة.

وتعتبر مجموعة ذاكرة الأوجاع النثرية للشاعرة ريم معروف واحدة من أهم الإصدارات الجديدة في الشعر المنثور نظرا لحذرها من الوقوع في المباشرة واهتمامها بتكوين الصورة واعتماد الألوان التي تتلاءم مع المعنى إضافة إلى الحذر من السقوط في الخطابة والمباشرة مما يجعل النصوص في مرتبة أدبية تليق بتسمية شعر.

محمد الخضر