“طفرة نسائية” لريتا بربارة.. حكايا تستعيد أهوال الحرب

دمشق-سانا

تحتوي المجموعة القصصية طفرة نسائية للأديبة ريتا بربارة مجموعة من القصص القصيرة والقصص القصيرة جدا التي رصدت ويلات الحرب وما خلفته من خراب حيث دارت أحداث القصص في أماكن حاولت فيها التنظيمات الإرهابية أن تنال من الوطن قدر استطاعتها تنفيذا لرغبات الطامعين والمتآمرين على سورية.

وكل المناخات التي شكلتها القاصة بربارة سيطر عليها دخان الحرب لأنها حملت أعباء المعاناة وعاشت في مدينتها حلب ما عاشه السوريون ما جعلها تستعير كثيرا من الألفاظ والأدوات المستخدمة في الحرب والتي وجدت طريقها إلى البيئة السورية.

ورغم هذه الصورة الحزينة فإن الألق الإنساني الذي عاشه أبناء سورية نتيجة الويلات التي صادفوها جراء ما تعرضوا له دفع الكاتبة بربارة لأنسنة الرصاصة ومشاركتها في سياق الحدث القصصي وتقمصها لشخصية الإنسان رافضة أن تستقر في صدر الطفل حيث بكت تلك الرصاصة عندما امتزجت بدم الإنسان ودم الأطفال كما جاء في قصة اعتذار رصاصة.

وجاء السرد الذي اعتمدته بربارة فني التكوين باسلوب سهل ممتنع قريب من الذائقة ويلامس الهم اليومي الذي يعيشه السوريون لكنها رغم محاولتها الخروج منه ظلت في محيطه دون جدوى حتى ولو انتقل الموضوع من ساحة الحرب إلى ساحة المجتمع كما جاء في قصة مداعبة خيالية.

وتحاول بربارة أن توجد تعاملا أليفا في نمطها الحواري وأسلوبها السردي بين الإنسان والكائنات الحية الأليفة حيث يوجد بينهما ارتباط كوني وحياتي كما جاء في قصة مملكة النمل وتجلت فيها الألفاظ الدالة على الألم والوجع والحرب كما في اغلب قصصها متأثرة بانفعالاتها الوجدانية وانعكاس الواقع الحياتي على عواطفها وسلوكها رغم محاولتها السخرية إلا أن أحكامها جاءت حاسمة في نهايات أحداث القصص التي لامست أحداث الحرب كما في قصة الجهاد في سبيل وقصة ام عبود .

وذهبت بربارة إلى ما يقض مضجع الإنسان السوري خلال الحرب التي يشنها المتآمرون على سورية فدخلت إلى الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وسلطت أضواء قصصها على ما يدور من غلاء أسعار وغش وخداع كما جاء في قصة قذيفة هاون التي كتبت فيها..

مسرعة تريد شراء ما يلزمها لتحضير طعام الغد وكلما وقفت عند بائع لتسأله عن سعر كيلو البطاطا والكوسى تمتعض لجنون ارتفاع الأسعار.

وعن رأيه في المجموعة القصصية قال الاديب محمد بوحوش اجتهدت القاصة بربارة في سبيل لغة سردية لا تخلو من البساطة والجمال والشاعرية والمتعة فأسرت القارئء بتوظيفها لفنيات القصة القديمة والجديدة كأسلوب الخاطرة واعتماد اللوحات الخاطفة والمشهد السينمائي والتدوين والمونولوج واعتماد التشويق والسخرية المضمرة بما يشي بميلاد قاصة مقتدرة تملك من الجرأة وسيولة المعاني والألفاظ ما يؤهلها لأن تكون صاحبة مدونة سردية مختلفة وشاهدة على عبثية الحرب وبشاعتها.

واعتبر بوحوش أن القاصة بربارة استطاعت أن تقود السياق السردي في الخط البياني للإنسان وتقلبات أفكار المجتمع وأن تحيك تلافيف عقدها مرة بمحاكاة الأسطورة للواقع برؤية عميقة وأخرى بسخرية سوداء تغص بحطام الإنسان المقهور والموتور بآلة الحرب والإرهاب بنظرة تومئء بانخراط القاصة بالواقع تجربة ومعاناة حقيقية وتغذي الذائقة الأدبية بإحكام البناء الشكلي للقصة أفرغته بمحتوى درامي حياتي شائق الحدث.

يشار إلى أن مجموعة طفرة نسائية صادرة عن دار الفرقان للغات في حلب وتقع في 100 صفحة من القطع المتوسط.

محمد الخضر