سوريون مهجرون يستعيدون ملامح رمضان ويصلون لعودة الأمن

طرطوس-سانا
يثير شهر رمضان ذكريات السوريين ولاسيما أولئك الذين اضطروا لترك منازلهم ويشعل حنينهم لطقوسه وعاداته ورغم وجع الشوق للديار والجيران والأصدقاء يصرون على صنع البهجة والفرح التي حاول الإرهاب سرقته منهم.
وفي وقت كان يحمل هذا الشهر المبارك للسوريين معاني دينية واجتماعية متميزة تمنح حياتهم طعما خاصا داخل البيوت وخارجها يحرك فيهم اليوم مشاعر مختلفة وقد تكون متضاربة من حزن على كل الأحداث الموءسفة التي شهدتها سورية خلال الأزمة إلى الحنين للعودة إلى بيوتهم ومناطقهم وأسرهم والأمل بعودة السلام والأمن للوطن والإصرار على مواصلة الحياة ونسيان الماضي لأجل المستقبل.2
ومن طرطوس التي تضم نحو 22 مركز إقامة موءقتة يقطنها حوالي 48 ألف أسرة وافدة معظمهم من حلب وبنسبة تتجاوز التسعين بالمئة وفق التقديرات الرسمية تقول غصون حشاش الوافدة من حي العامرية بحلب “إنها المرة الأولى التي امضي فيها شهر رمضان خارج حلب أفتقد النكهة الحلبية الخاصة لهذا الشهر ولاسيما المطبخ العريق بتنوعه والملائم للقدرات الشرائية المختلفة إضافة الى النداءات المحببة التي يشتهر بها باعة حلب”.
وصفاء العلو التي وفدت من حي الصالحية بحلب مع أولى موجات التهجير التي فرضتها المجموعات الإرهابية المسلحة منذ أكثر من عامين تؤكد أن “المؤسسات الحكومية والأهلية بطرطوس قدمت كل العون والاهتمام للوافدين الا انني أحن بشدة للقاءات الاجتماعية المميزة في شهر رمضان مع أهلي وجيراني وأصدقائي”.
وتستمتع حسنا أبو خميس من حي المشهد في حلب بالجو الخاص الذي تضفيه طرطوس لشهر رمضان من حيث الازدحام وتوفر الأطعمة والمشروبات المتنوعة كالمعروك وقمر الدين والعرقسوس والتمر الهندي الا انها تتمنى العودة لمحافظتها حيث البيت والأهل والأصدقاء والبيئة التي اعتادتها منذ طفولتها وتفتقد لأبسط التفاصيل التي تميز حلب عن غيرها بهذا الشهر كأمسيات المقاهي وحلقات الحكواتي وخيم رمضان.
ويرى يوسف قداد من حي الميسر بحلب ان النزوح ليس بالأمر السهل مهما حاول الشخص تجاوزه والتأقلم مع المكان الجديد مبينا أن الصعوبات التي يواجهها السوريون خلال الأزمة قد تكون واحدة على الجميع كارتفاع الاسعار ونقص سلع معينة لكنها ترتب أعباء أكبر على المهجرين مقابل أمور أخرى قد تريحهم كانخفاض الأسعار وعودة الامن والأمان لبعض المدن ومؤشرات قرب انتصار سورية على أعدائها وعودة كل مهجر إلى بيته واستعادة تفاصيل الحياة اليومية في شهر رمضان وغيره.1
ويصبح التأقلم مع حياة النزوح أكثر سهولة مع الحصول على عمل يؤمن جزءا ولو بسيطا من الدخل المنتظم للأسرة كما يذكر محمد البطيخ الذي تمكن من الحصول على رخصة لبسطة في مقر مركز إقامته المؤقتة بحي الانشاءات معتبرا أن التحديات المادية في شهر رمضان لا تكاد تذكر مقارنة مع الرغبة في استعادة أجواء هذا الشهر كما عرفه الحلبيون وورثوا تقاليده عن الآباء والأجداد خصوصا من الناحية الاجتماعية حيث تتوطد العلاقات وتبرز مظاهر التكافل بين الانسان ومحيطه.
وتعلم تجربة التهجير السوريين كما يرى ماهر فوطي الوافد من حي الشعار بحلب التحمل والصبر واجتراح الاساليب لإكمال حياتهم والتعاون مع من حولهم وتقبل المساعدة من الجميع معربا عن تقديره لأهالي طرطوس الذين تقاسموا مع الوافدين كل شيء من الطعام إلى الامان والافراح والأتراح وآمال الانتصار.
وفوطي الذي يعمل بائع خضار قبالة مركز اقامته الموءقتة يأمل أن يساعده شهر رمضان على تحسين عمله وزيادة دخله.
ويعرب حسان يوسف المشرف المركزي بمديرية الشؤون الاجتماعية عن دهشته من اصرار الوافدين في مراكز الاقامة الموءقتة على محاولة خلق اجواء شبيهة بالملامح الرمضانية التي اعتادوها في أحيائهم وقراهم من ناحية الاجتماعات الاسرية المميزة بعد الإفطار والازدحام الذي يعم المراكز اثناء التحضير للافطار فضلا عن الدعوات المتبادلة المستمرة على الموائد المتواضعة.
ويشير إلى أن كفاية المعونات التي تقدم بشكل دوري وتشرف على توزيعها منظمة الهلال الاحمر العربي السوري وتشمل المساعدات مواد تموينية أساسية يستكملها الوافدون من مصادر دخلهم إن وجدت.
رمضان ثالث يمر على السوريين وهم يواجهون تحديات الأزمة ورغم غياب الكثير من طقوسه وعاداته إلا أنه يبقى شهر الدعوات والسلام والأمل بسورية أفضل وأقوى.