العرب وانتخابات “الكنيست” وتخلي “كيري”- صحيفة البعث

تكاد قلوب بعض العرب -حكاماً ومثقفين وقادة معارضات سلمية ..!!- تخرج من صدورهم خوفاً على مصير “نتنياهو” في انتخابات، اليوم، فالرجل أصبح أملهم الأخير في ساحات حروبهم العبثية، بعد خيبة أملهم في “حسم” أوباما مع إيران، و”تخلي” جون كيري عنهم في مسيرتهم الشاقة نحو فتح دمشق.

قد لا ينام بعضهم اليوم، وقد يضطر البعض الآخر “لارتكاب” فعل الصلاة القلبية الصادقة لأول مرة في حياته دعماً للرجل، بل إن بعضاً منهم يكاد يشارك فعلياً في وضع ورقة تأييد في صندوق الانتخاب، بعد أن شارك في حفلة الدعم بماله ولسانه ومواقفه، خاصة وأن المنافس الأقوى لنتنياهو “اسحق هرتسوغ”، ليس كما يأملون تماماً، فالرجل أعلن مراراً، بحسب الإعلام “الإسرائيلي”، أن “الصفقة النووية الإيرانية ليست فظيعة”، وتلك جريمة كبرى يستحق عليها الطرد من جنة أعراب هذا الزمن الأغبر.

وللأسف، سيكون هناك عرب آخرون تكاد قلوبهم تخرج من صدورهم انتظاراً لفوز “هرتسوغ” و”تسيبي ليفني”، ليس لأنهما من دعاة إعادة الحقوق الفلسطينية والعربية الكاملة لأصحابها، بل لأن العرب من هذا الصنف فريقان، الأول: ما زال يراهن على الفروق المزعومة بين الأحزاب “الإسرائيلية”، والثاني يعتقد أن التفاهم مع “ليفني” يمكن أن يتم بشكل “أمتع” لأن طريقتها في “الحوار” مختلفة عن غيرها، كما صرحت هي شخصياً.

مُفجعٌ ألّا يتعلم العرب من دمائهم النازفة على مدى العقود الماضية أنه لا فرق بين يمين ويسار ووسط ويمين اليمين ويسار الوسط في هذا الكيان الاستيطاني القاتل، ومُفجعٌ أكثر أن يقرأ البعض هذا الكلام بصفته لغة خشبية، أو يعتبره إغفالاً للسياسة بشقها الواقعي، وإنكاراً لدور الأفراد في صناعة السياسة والتاريخ، لكن الواقع أجدر بأن يُصدّق، وهو يقول بوضوح تام: لا فرق بين “إسرائيلي” وآخر إلّا بدرجة التطرف لا بنوعيته، وأن إجرامهم هذا ما كان له أن يستمر إلّا في ظل عالم حر..!! ومجتمع دولي وأمم متحدة لم تتحرك شعرة في رأس أمينها العام أمام كلام “ليبرمان” عن قطع رؤوس العرب بالفؤوس، وهذا أمر طبيعي ما دام القول ذاته لم يهز أصحاب العلاقة العرب ولا جامعتهم وأمينها العام وفصله السابع الشهير.

ببساطة تامة، العرب خارج التاريخ، لأنهم خارج الحاضر والمستقبل، هم يشترون السلاح بكثافة -السعودية والإمارات تحتلان مراتب متقدّمة جداً في قائمة أكثر الدول شراء للأسلحة- لكن لأهداف ليس من بينها قطعاً تحرير “بيت المقدس”، بل إنها تقتصر على هدفين اثنين، الأول: سفك المزيد من الدماء العربية في سورية والعراق واليمن وبحرين “الثورة المنسية”، والثاني: ضخ السيولة في عروق مجمّعات تصنيع الأسلحة الغربية، وها هي فرنسا تباهي بأن صادرات أسلحتها سجلت رقماً قياسياً في العام 2014 مع ما يفوق ثمانية مليارات يورو.

غداً سيستيقظ العرب على خبر بقاء “نتنياهو” في منصبه أو مغادرته إياه، وفيما سيبكي بعضهم ويفرح بعضهم الآخر، سيكون هناك عرب من طينة أخرى، لا يراهنون على ثلاثية “الكنيست” و”الكونغرس” و”الأليزيه”، بل على ثلاثية “الجيش والشعب والقيادة”، ويعرفون أن عليهم أن يتابعوا، مع بقية الأحرار في العالم، تصنيع وتجميع المتغيّرات المتسارعة في المنطقة، في رصيد شعوبهم، ورصيد صنع نظام عالمي جديد أكثر عدلاً ومساواة، وبالتالي المساهمة الواعية في صنع التاريخ.

أما عرب الردة وعرب التسوّل، فقد حان الوقت كي يقول لهم أحد ما: ليس أمامكم سوى ثلاثة دروب، إما الاستمرار في مسار انفصالكم التام عن الواقع، أو مشاركة “جنبلاط” في “احتقاره” اللغوي العاجز للمتغيّرات ودلالاتها، أو اتباع نصيحة الشاعر العربي وهو يخاطبكم في بداية القرن الماضي: “ناموا ولا تستيقظوا.. ما فاز إلّا النوّم”، فنوم الظالم عبادة كما تقول أمثالنا العربية الصادقة.

أحمد حسن

انظر ايضاً

الجولان في القلب بقلم: طلال ياسر الزعبي 

بعد مرور واحد وأربعين عاماً على قراره ضمّ الجولان العربي السوري، هل استطاع الكيان الصهيوني …