الشريط الإخباري

أردوغان والكوليرا.. بقلم: عبد الرحيم أحمد

قد يبدو العنوان مستغرباً إلى حد ما، فما علاقة رئيس النظام التركي بتفشي وباء الكوليرا في سورية للمرة الأولى بعد سنوات من اختفائه نهائياً بفعل الأنظمة الصحية المتطورة وشبكات المياه الآمنة والنظيفة التي وفرتها الدولة السورية قبل الحرب الإرهابية على البلاد؟ ولماذا عاد الوباء للظهور اليوم بعد أحد عشر عاماً من اختفائه؟

ليس تجنياً على النظام التركي اتهامه بالمسؤولية عن تفشي وباء الكوليرا في سورية، فالكل يعلم علاقة الأوبئة وخصوصاً الكوليرا بانعدام توافر مياه الشرب والري الآمنة والنظيفة، فإذا قلنا إن الحرب هي المسؤولة عن تدمير البنى التحتية وشبكات الصرف الصحي وأنظمة الري وشبكات مياه الشرب، فإن النظام التركي مسؤول عن تعطيش السوريين وسرقة حصتهم من مياه الري والشرب، وبذلك يكون دوره في انتشار الأوبئة مضاعفاً من خلال دعمه الإرهابيين الذين دمروا البنى التحتية للري والصرف الصحي من جهة، وعبر منعه وصول المياه للسوريين وخصوصاً في فصل الصيف الذي ترتفع فيه معدلات الأوبئة والحاجة لمياه الري والشرب، من جهةٍ ثانية.

منذ أربع سنوات وإلى اليوم يمارس النظام التركي ومرتزقته الإرهابيون حرب التعطيش ضد السوريين، يقطع مياه الشرب عن أكثر من مليون مواطن في الحسكة في ظل انتشار وباء كورونا مع ما يعنيه ذلك من انعدام قدرة المواطنين على تأمين مياه الشرب والنظافة الشخصية والمنزلية بالشكل المناسب.

هذا من ناحية، أما من جهة مياه الري فقد سطا نظام أردوغان على نصف حصة سورية من مياه الفرات ودجلة، وأسفرت ممارساته على منابع الخابور بجفاف مجرى النهر صيفاً في الحسكة ودير الزور الأمر الذي اضطر الأهالي في بعض المناطق إلى البحث عن مصادر بديلة للري وعادة ما تكون بدائل غير آمنة صحياً بسبب تلوثها بمياه شبكة الصرف الصحي التي تعرضت للتدمير والتي تشكل أساس انتشار الأوبئة ولاسيما وباء الكوليرا.

والملاحظ أن انتشار الوباء بدأ من المناطق الشمالية في أرياف حلب والحسكة والرقة ودير الزور، حيث تعاني تلك المناطق شحاً في مياه الشرب والري بسبب ممارسات النظام التركي واستخدامه المياه سلاحاً في الحرب ما يشكل جريمة حرب ضد الإنسانية، ناهيك عن الأضرار بشبكات الري والصرف الصحي وبناها التحتية في حوض الفرات وشمال حلب، وكل ذلك أدى إلى انتشار الأوبئة والممارسات غير الصحية من قبل بعض المزارعين في ظل عدم وجود شبكات آمنة للري وللشرب.

وإذا كنا نربط بين ممارسات النظام التركي وانتشار الأوبئة في سورية، فهذا لايعني تبرئه بقية المنخرطين في الحرب الإرهابية التي تتعرض لها البلاد منذ عشر سنوات، فهم أيضاً شاركوا في تدمير البنى التحتية وقدرات الدولة الصحية من مشاف ومرافق صحية وحدوا من قدرتها على رصد حالات الأوبئة في المناطق التي تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية وبالتالي احتمال تفشيها إلى مناطق أوسع.

معروف عن سورية أنها كانت من أوائل الدول في نظامها الصحي قبل الحرب، وقضت على الأوبئة والأمراض المعدية عبر سلسلة حملات تلقيح وطنية منها شلل الأطفال والتهاب الكبد والسل وحتى في جائحة كورونا بذلت الدولة السورية جهوداً كبيرة بالتعاون مع الدول الصديقة ومنظمة الصحة العالمية للسيطرة على المرض ومنع انتشاره ووفرت لقاحات مجانية للمواطنين.

لكن عملية السيطرة على الأمراض والأوبئة بشكل عام لاتتوقف على المعالجة فقط، بل تحتاج أولاً إلى القضاء على مسببات الأمراض كالبيئات المرضية والتحصين عبر اللقاحات وزيادة الوعي الشعبي للممارسات الصحية والتخلي عن الممارسات الخاطئة التي تكون قاعدة لانتشار الأمراض كري المزروعات من مصادر مياه غير آمنة أو قد تكون ملوثة بمياه الصرف الصحي.

اليوم وفي ظل تعرض النظام الصحي في سورية لاستهداف على مدى عشر سنوات خسر خلالها العديد من المشافي ومصانع الأدوية والمخابر والمستوصفات في الأرياف ومع نزيف الجسد الطبي لخيرة كوادره، وفي ظل الحصار الجائر الذي يحد من قدرة الدولة على تطوير القطاع الصحي وترميم البنى التحتية، فإن المطلوب من المنظمات الصحية الدولية الضغط من أجل وقف الممارسات التركية ضد سورية في مجال المياه والتي تشكل قاعدة لانتشار الأوبئة والأمراض فيها، وكذلك العمل على رفع الحصار ودعم مشاريع التعافي المبكر ولاسيما في قطاع الصحة لاستعادة سورية ريادتها في مجال الخدمات الصحية لمواطنيها والقضاء على الأمراض والجوائح باعتبار ذلك مصلحة وطنية وإقليمية ودولية.

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency

انظر ايضاً

مناقشة مسودة معايير ومؤشرات الإطار السوري للجودة والتميز في التعليم ما قبل الجامعي

دمشق-سانا مناقشة مسودة معايير ومؤشرات الإطار السوري للجودة والتميز في التعليم ما قبل الجامعي ودراسة …