عسكرة العالم بقلم: د.تركي صقر

عملت إدارة بايدن منذ وصولها إلى البيت الأبيض على تأجيج التوتر في مناطق العالم المختلفة، فبعد أن نجحت في تحريض الدول الأوروبية على روسيا ومعاداتها إلى درجة الاقتراب من إعلان الحرب معها، وأدى ذلك إلى قطع العلاقات وحرمان الأوروبيين من موارد الطاقة الروسية لأول مرة في تاريخ الطرفين، وارتفاع أسعار السلع والمنتجات وجوانب الحياة المعيشية كلها، قامت بحملات لا تتوقف لتخويف أوروبا من روسيا، ونشر الكراهية والبغضاء للشعب الروسي إلى أقصى الحدود، وأن خطر الاحتلال قادم على كل دولة أوروبية بعد أوكرانيا، وطورت ظواهر النازية الجديدة في عموم أوروبا لتأسيس عداء تاريخي لروسيا لم يسبق له مثيل.

هذه الأجواء التي افتعلتها إدارة بايدن قادت إلى زيادة كبيرة في ميزانيات الدفاع والحرب لدى معظم الدول الأوروبية، وبشكل غير متوقع وغير مسبوق خصصت الحكومة الألمانية ميزانية بعشرات مليارات اليوروهات للدفاع، بعد أن كانت ألمانيا تلتزم الحياد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وزادت الصناعات الحربية في عموم الدول الأوروبية أضعاف ما كانت عليه، فضلا عن مضاعفة مصانع السلاح الأمريكي لمنتجاتها لتوريدها إلى الدول الأوروبية التي تقوم بدورها بمد أوكرانيا بشحنات هائلة من الأسلحة، حتى غدت أوروبا ترسانة للأسلحة بعد أن كانت بعيدة عن التسليح منذ أكثر من سبعين عاماً لتكون بؤرة عسكرية شديدة التسليح في وجه روسيا.

وكانت البؤرة الثانية التي عسكرتها إدارة بايدن على مستوى العالم هي بؤرة المحيط الهادي في وجه الصين، ولأول مرة أيضاً تعلن اليابان عن ميزانية عسكرية بمليارات الدولارات، ولم يسبق لليابان أن خصصت ميزانية للتسليح بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وطبعاً هذا التسليح الضخم موجه بالدرجة الأولى ضد الصين وكوريا الديمقراطية، في الوقت الذي قامت فيه الإدارة الأمريكية بإنشاء تحالف عسكري بينها وبين بريطانيا وأستراليا لتطويق الصين بعد سلسلة من الاستفزازات المتواصلة من خلال جزيرة تايوان، وبات واضحاً تحويل المحيط الهادي إلى منطقة عسكرية بعد عشرات السنوات من الهدوء والاستقرار.

وإضافة إلى البؤرتين السابقتين، هناك بؤر توتر في أمريكا الجنوبية تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على إشعالها، وصب الزيت على النار فيها على الدوام دون أن نغفل بؤرة التوتر المعروفة الدائمة، ألا وهي بؤرة الشرق الأوسط التي يشكلها الكيان الصهيوني المدعوم بالمطلق منذ قيامه من الولايات المتحدة الأمريكية، والمستمر في اغتصاب الأرض العربية، وسلب حقوق الشعب العربي الفلسطيني، من هنا لا يستطيع أحد أن يجادل أن وراء عسكرة العالم من أقصاه إلى أقصاه هي الولايات المتحدة الأمريكية التي زادت من عدوانيتها وعسكرتها حالياً في ظل إدارة بايدن التي تدعي بلا خجل ولا حياء أنها تعمل من أجل الأمن والسلام العالمي.

انظر ايضاً

دعم واشنطن للعدوان الإسرائيلي.. وحساب الربح والخسارة!… بقلم: جمال ظريفة

لا وصف لما منيت به السياسة الأمريكية في الآونة الأخيرة بعد الانخراط بالعدوان على غزة …