اختبار لإنسانيتهم.. بقلم: منهل إبراهيم

الحيرة من أصعب أنواع المشاعر التي قد يتعرض لها الفرد أو الدول في سيرورة الحياة، وخاصة  عندما يخوض فرد أو دولة أحد الاختبارات التي تكون بناء على خيارين فقط، وعليه إلزاماً اختيار أحدهما سلباً أو إيجاباً.

الغرب الاستعماري لا يملك أي مشاعر، لذلك ترى أن لا حيرة عنده حتى في أصعب المواقف الإنسانية، وهذا ما حدث بالفعل بالنسبة لموقفه من الزلزال المدمر الذي ضرب سورية، فدول الغرب الانتهازية لم تر أي حرج في اختيار المضي قدماً في لعبة العقوبات القسرية والقاسية على الدولة السورية، توازياً مع نتائج الزلزال الكارثية التي ألمت بالشعب السوري.

كارثة الزلزال أكدت المؤكد، واختبار الإنسانية من أدق الاختبارات وأصعبها على الإطلاق، حيث إنه يقيس مدى إنسانية الأفراد، التي تتحكم بقرارات كبيرة وتحكم دولاً بعقلية الحروب الساخنة والباردة، وقد تبلدت مشاعر الغرب التي تجيش في أماكن وتتعطل عندما يكون الوضع يخص سورية وشعبها، حتى في ظل ظروف إنسانية قاسية لا مجال فيها للتردد في سلوك طريق الإنسانية، وطريق إنسانية الغرب هنا رفع العقوبات الظالمة عن سورية.

كارثة الزلزال لم تحرك ضمائر الدول الغربية المنخرطة في حلف واشنطن، وقادتها من أصحاب الرؤوس الحامية التي تدعي الإنسانية، فواصلوا صلفهم وحقدهم، وغضوا الطرف عن مشاهد الدمار وصرخات الأطفال من تحت الركام والأنقاض، في ظل نقص حاد بمعدات ومواد الإنقاذ والإغاثة الناجم بشكل أساسي عن استمرار عقوبات الغرب على الدولة السورية.

العقوبات الاقتصادية التي لا أساس لها ولا حق أو قانون تبنى عليه، سوى قوانينهم التي تسن وفق أهوائهم ضد سورية، هي في الحقيقة أداة عقاب وقتل جماعي، لا تقل في خطورتها عن كارثة الزلزال، واستمرارها في ظل الأوضاع الحالية هو دليل إثبات من الغرب على الاستمرار في عقاب وأذية الشعب السوري عن سبق إصرار وترصد، وهذا أمر يجب ألا يمر دون مساءلة أو حتى عقاب، لمن يساهم في خنق الاقتصاد السوري في وقت الأزمات الإنسانية فائقة الصعوبة.

سورية تعمل بشكل حثيث وصادق للحفاظ على حقوق الإنسان في كل بقاع العالم ومنع انتهاكها، ضمن منظومة أخلاقية رفيعة المستوى، وعلى أساس المبادئ التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ الحياد والموضوعية، بعيداً عن المواربة والتسييس البغيض، الذي تنتهجه الدول الغربية.

كارثة الزلزال الذي ضرب سورية عمقت الظروف القاسية، وضاعفت معاناة السوريين، لكنها أظهرت الخبيث من الطيب، وبينت العدو من الصديق والشركاء الحقيقيين في العمل الإنساني، ودائماً في الأزمات والكوارث تظهر نقاط مضيئة تخفف عن الدولة والأفراد معاناتهم، وهذا ما ظهر في كارثة الزلزال، وأظهر المعادن على حقيقتها.