المقداد: الاستقلال الحقيقي يعني حرية القرار السياسي

بيروت-سانا

جدد الدكتور فيصل المقداد نائب وزير الخارجية والمغتربين التأكيد على أن هدف الحرب التى يشنها الإرهابيون ومن يدعمهم على سورية هو النيل من حريتها ونزوع شعبها وقيادتها إلى الحفاظ على سيادتها والتضحية من أجل قيمها وحضارتها وكرامة أمتها.

وقال المقداد في مقال نشرته صحيفة البناء اللبنانية في عددها الصادر اليوم إن “شعب سورية وأشقاءه وأصدقاءه في الوطن العربي وفي العالم يحتفلون هذه الأيام بالذكرى التاسعة والستين لعيد الاستقلال الذي صنعه الشعب السوري بقيادة أبطال واجهوا الاستعمار الفرنسي بالإيمان بكرامة شعبهم وبصدور عارية لا تهاب الموت في سبيل الوطن”.

وأضاف المقداد إن “سورية كانت دائما محط أطماع المستعمرين من غزاة الشعوب حيث لم تكد تتخلص من الاحتلال العثمانى إلا وكان المستعمرون من بريطانيين وفرنسيين يقفون على بوابات الوطن العربي من محيطه إلى خليجه فما أقرب الأمس إلى اليوم وبينما كان اللبنانيون والسوريون يحاولون فتح أعينهم لرؤية نور الصباح الجديد وجدوا جنود الاحتلال الفرنسي المدججين بالدبابات والمصفحات في مدنهم وقراهم ليفرضوا نوعا آخر من الاحتلال هو الاحتلال “الحضاري الغربي” وذلك في إطار اتفاق سيىء السمعة أسموه باتفاق “سايكس بيكو” الذي جرى التوصل إليه بعيد انتهاء الحرب العالمية الأولى خلافا لما كان قد تم التوصل إليه بين قيادة الثورة العربية الكبرى والحكومتين البريطانية والفرنسية”.

وتحدث المقداد عن “خلفية الجشع الذي لم يتراجع من قبل فرنسا وبريطانيا بشكل خاص لتثبيت وجودهما الاستعماري الشنيع في المنطقة ويتبلور هذا الأمر من خلال سياسة لم تتغير منذ القرن التاسع عشر وحتى هذه اللحظة وربما لقرون مقبلة من قبل الاستعمارين الفرنسي والبريطاني تقوم على التدخل في شؤون المنطقة ليس لأي سبب سوى وجود أطماع دنيئة لهما في أرضنا وثرواتنا” مبينا أن هذه المصالح بقيت نفسها تحت أي نوع من أنواع الحكومات الغربية سواء كانت عمالية أو محافظة أو اشتراكية أو يمينية جمهورية أو ديمقراطية أميركية فإنها لا تتغير ويبدو أنها لن تتغير.

وبين المقداد أن “هذه الدول بشكل خاص هي التي ارتبط تاريخها في منطقتنا بأكثر الألوان سوادا وهي لم تتعلم من دروس التاريخ وبخاصة هزائمها في المنطقة حيث انسحب البريطانيون والفرنسيون من العراق وسورية ولبنان وهم يجرون ذيول الخيبة والهزيمة المريرة بسبب الثورات التي قام بها أبناء البلاد صونا لأرضهم وعرضهم وكرامتهم” موضحا ” إذا كنا نستذكر في يوم السابع عشر من نيسان من كل عام بل وفي كل يوم من أيام العام أسماء مجاهدينا الذين قاموا بقيادة النضال ضد الفرنسيين فى سورية مثل قائد الثورة السورية الكبرى” سلطان باشا الأطرش وصالح العلي وفوزي القاوقجي ويوسف العظمة وأحمد مريود وحسن الخراط وسعيد العاص فإننا لا يمكن ألا أن نذكر المجاهد الكبير إبراهيم هنانو” الذي اتخذ من الشمال الغربي السوري أرضا للنضال والتضحية وهو نفسه كان الهدف الرئيسي أخيرا لقطعان الإرهابيين التي دخلت مدينة إدلب وتوجهت فورا إلى التمثال الذي يخلد التاريخ المشرف للمجاهد هنانو وكانت أول جريمة ينفذونها هي تدمير تمثال هذه الهامة الوطنية والإنسانية الكبيرة الأمر الذي يدل على أن حقد الفرنسيين الذين دعموا وقدموا التمويل والتسليح لهذه التنظيمات الإرهابية ما زال قائما حتى يومنا هذا”.

ولفت المقداد إلى “أن الذي اتضح خلال مواجهات سورية الأخيرة مع أعدائها للحفاظ على استقلالها وسيادتها هو أن الاستعمار هو الاستعمار وقديمه لا يختلف عن جديده والأمر الذي أصبح الآن واضحا لجميع السوريين هو أن نوايا فرنسا لم تختلف منذ دخول غورو إلى سورية عام 1920 وحتى الآن سواء كانت فرنسا يقودها اليميني ساركوزي أو الاشتراكي هولاند”.

وأوضح المقداد أن “بعض الدول ما زالت مكبلة بقيود أطلقوا عليها اتفاقات مع الدول الاستعمارية وما زالت في كل ما تقوم به تعود إلى مرجعياتها في الغرب لاتخاذ القرار إزاء أوضاعها الداخلية أو علاقاتها الإقليمية والدولية وسياساتها الاقتصادية والاجتماعية فهل يمكن على سبيل المثال اعتبار “السعودية وتركيا” بلدانا مستقلة… بل وهل يمكن اعتبار بعض الدول الغربية بما فيها تلك الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مستقلة في علاقاتها مع ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة أو بشكل أساسي في علاقاتها الفضائحية مع “إسرائيل”.

وشدد المقداد على “أن الحرب الإرهابية الاستعمارية المعلنة على سورية هى أوضح دليل على أن العالم لم يتخلص حتى الآن ولا حتى زمن مقبل قد لا يكون قصيرا من الاستعمار ونواياه المبيتة ضد دولنا النامية خاصة مع رهان الدول الاستعمارية على أن مستعمراتها ستعود إليها صاغرة طائعة إلا أن صبر بعض هذه الدول مثل فرنسا لم يطل وها نحن نراها تتابع بشكل أو بآخر مصالحها الاستعمارية سواء في الشرق الأوسط أو أفريقيا أو آسيا أو حتى في أوروبا ذاتها وهو ما تقوم به فرنسا في لبنان وسورية ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى وكذلك تتصرف بريطانيا في مستعمراتها القديمة سواء كانت في الأردن أو شرق أفريقيا أو استعمارها الذي ما زال مستمرا لجزيرة المالفيناس الأرجنتينية في البحر الهادئ.

وأكد المقداد أن الاستقلال الحقيقي لأي شعب لا يقاس فقط برحيل القوات الأجنبية عن أرضه بل أنه يعني حرية القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتقرير المصير وتأكيد السيادة وتحرير الأرض وتحرر الإنسان من الفقر والعوز والجهل وهذا هو ما قامت به سورية صونا لاستقلالها وسيادتها وبخاصة بعد عام 1970 ونظرا إلى عدم تهاون قيادة سورية بقيم ومعاني الاستقلال وبالدماء الطاهرة التي سالت أنهارا لتحقيق استقلال سورية عام 1946 وعدم التفريط بنقطة واحدة منها فإن سورية تواجه الآن معركة الحفاظ على استقلالها والحفاظ على الاستقلال قد يكون أحيانا أصعب من تحقيق الاستقلال ذاته ولهذا تتعرض سورية الحبيبة لهذه الحرب الإرهابية لحرفها عن موقفها إزاء قضية العرب المركزية قضية فلسطين والتي جعلتها بوصلة النضال في نضال العرب الحديث إضافة إلى قرار المستعمر وأدواته وقف تطور سورية المستقل والذي جعل منها خلال السنوات العشر الأخيرة الانموذج الذي يحتذى والأمل الذي يتطلع إليه العرب.. كل العرب.. بعين التقدير والإعجاب.

وأعاد المقداد في ختام مقاله التأكيد “على أن سورية ستنتصر على الإرهاب وقطعانه من “داعش” و”جبهة النصرة” و”الجيش الحر” وتنظيمات تزور الإسلام بأسمائها وأفعالها وستثبت سورية الحالية لكل العالم “وهي التي طردت الاستعمار الفرنسي قبل تسعة وستين عاما لتحقيق استقلالها وحريتها” إنها في حربها الآن على الإرهاب وداعميه بما في ذلك فرنسا والسعودية وتركيا والأردن ستكسب معركة الحفاظ على استقلالها وسيادتها لما فيه خير شعبها والأمن والسلم والاستقرار في المنطقة والعالم”.

مقالات سابقة للدكتور فيصل المقداد:

لقاء موسكو التشاوري بث أجواء تفاؤلية لينتج إجماعا على نقاط لم يتم الاتفاق عليها من قبل

الدول الداعمة للإرهاب مسؤولة عن سفك دماء السوريين والفلسطينيين

الاتفاق الإطاري في لوزان فرصة لتراجع الغرب عن دعم إسرائيل والإرهاب وإطالة أمد الأزمة في سورية

انظر ايضاً

في إطار مشاركته في اجتماع القمة العربية المقداد يبحث مع بوغدانوف تطورات الأوضاع في المنطقة والعالم

المنامة-سانا في إطار مشاركته في اجتماع القمة العربية في المنامة، التقى وزير الخارجية والمغتربين الدكتور …