فرقة (منفردو دمشق)… تطلق مشروعها الأول بإحياء الموسيقا السريانية السورية

دمشق-سانا

انتقل الإرث الثقافي للموسيقا السريانية الذي يعود إلى ما قبل الميلاد من جيل إلى آخر بشكل شفهي، ولا يزال ينتقل بنفس الأسلوب حتى يومنا هذا، وقسم كبير من هذه الموسيقا الحية التي وصلت إلينا لم يتم تدوينها بنوطات موسيقية حديثة، ولم تسجل بشكل أكاديمي ممنهج إذ لا يمكن للتدوين الحديث التعبير بشكل دقيق عن الزخرفات والحركات اللحنية الصغيرة التي تعتمد عليها الموسيقا السريانية.

وانطلاقاً من أهمية هذا الإرث الموسيقي تأسست فرقة (منفردو دمشق)، والهدف الأساسي منها حسب المشرف الإداري والتنظيمي للفرقة الموسيقي الأكاديمي أندريه مقدسي هو تأسيس مجموعة احترافية صغيرة تتمتع بالمرونة الموسيقية، لتكون (تشكيلاً موسيقياً) قادراً على أداء أنماط مختلفة مع ودون مغنيين، ولتسليط الضوء على جمال التمازج بين الآلات التقليدية العربية والآلات الغربية أو ما يعرف بالكلاسيكية.

وبين مقدسي في تصريح لـ سانا أن فرقة (منفردو دمشق) تتكون من موسيقيين أكاديميين متميزين كل منهم في اختصاصه، وكان لهم مشاركات مع العديد من الفرق المحلية والعالمية، ويشاركهم مغنون مختصون بكل نمط موسيقي تقدمه الفرقة.

وأوضح مقدسي أن برنامج 2023 للفرقة يضيء على الموسيقا السريانية التي نشأت في سورية ما قبل الميلاد، والتي انتقلت عبر الأجيال بشكل شفهي، بسبب غياب المدارس والمؤسسات التعليمية التي تعنى بهذا النمط الموسيقي، ما يشكل تهديداً لهذا الإرث الذي لا يزال حتى اليوم ينتقل من جيل إلى آخر عبر الرهبان.

ولتحقيق هذا البرنامج ستطلق الفرقة حسب مقدسي جولة تبدأ من دار الأسد للثقافة والفنون بدمشق يوم الأحد المقبل ليسافر أعضاء الفرقة بعدها، لإحياء مجموعة من الحفلات في روسيا الاتحادية بدعوة من معهد تشايكوفسكي الحكومي في موسكو، حيث ستقدم الفرقة حفلها على مسرح رخمانينوف، وبعدها حفلا آخر على مسرح يورواسيا في مدينة نوفوسيبيرك الروسية.

وتكمن أهمية هذا المشروع في عدة محاور كما أكد مقدسي منها إظهار التنوع الثقافي الموجود في سورية، من خلال تقديم مشروع موسيقي باللغة السريانية (اللغة المحكية في زمن السيد المسيح) وتعزيز جسور التبادل الثقافي مع روسيا الاتحادية، وخاصة مع المؤسسات الثقافية في نوفوسيبيرسك التي زارت سورية مرتين، وأحييت حفلين موسيقيين على خشبة مسرح الأوبرا في دمشق، إضافة إلى استثمار وجود الفرقة في روسيا للترويج للسياحة في سورية، حيث سيتم عرض فيلم تسجيلي تم الاتفاق عليه مع وزارة السياحة، إضافة إلى ترتيب مواد إعلانية عن السياحة في سورية ستقدم إلى الجمهور الروسي.

وعن أسباب إقامة مشروع الموسيقا السريانية كأول مشاريع الفرقة قال المشرف الموسيقي عليها المايسترو ميساك باغبودريان في تصريح مماثل: “إن سبب اختيار هذا النمط هو خصوصية الموسيقا السريانية التي تنفرد بها سورية وافتقار الفعاليات المقامة في السنوات الماضية لهذا النمط الموسيقي الأصيل، ووجود مغنين سوريين أكاديميين محترفين يتقنون اللغة

السريانية من داخل سورية وخارجها”.

وأضاف المايسترو باغبودريان: “إن برنامج فرقة منفردو دمشق يتألف من مجموعة من الترانيم السريانية، إضافة إلى بعض الترانيم العربية التي وزعت موسيقياً بشكل خاص لهذه المناسبة، لتناسب التشكيل الموسيقي للفرقة والذي يعكس الانسجام بين الآلات الموسيقية العربية (البزق، القانون، الناي) مع الآلات التقليدية الكلاسيكية (الكمان، التشيللو، البيانو)، وليتعرف الجمهور على نتيجة المزج بين هذه الآلات مع وجود مغنين أكاديميين محترفين يتقنون اللغة السريانية، وسيتاح للجمهور التعرف على بعض الصلوات المعروفة باللغة السريانية الأصلية”.

وعن جولة روسيا أوضح المايسترو باغبودريان أن الفرقة تسعى إلى تعريف الجمهور الروسي على أحد عناصر التراث السوري، والذي سيقدم لأول مرة في روسيا على مبدأ الحفلات التي يقومون بها عند حضورهم إلى سورية لتعريف الجمهور السوري بالموسيقا والتراث الروسي.

وبين باغبودريان أن الفرقة ستستضيف في جولتها المقررة المغنية سناء بركات، والمغني ميشيل سنونو لخبرتهم الكبيرة في أداء الموسيقا السريانية.

وقال مقدسي: “آمن بالمشروع العديد من الجهات الرسمية وغير الرسمية والأكاديمية والاقتصادية في سورية، والتي قدمت الدعم والتمويل للمشروع وعلى رأسهم بطريركية أنطاكيا وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس وجامعة أنطاكيا الخاصة، كما حصل المشروع على دعم من وزارة الثقافة”.

ومن المشاريع المستقبلية للفرقة حسب مقدسي هو المشاركة بأحد أهم المهرجانات الثقافية في روسيا الاتحادية والممول مباشرة من قبل الكرملين، وذلك في شهر آذار من عام 2024، كما تم التواصل مع متحف الإرميتاج في سان بطرسبروغ في روسيا، وتقرر إحياء حفل للفرقة في مسرح المارينسكي أحد أعرق المسارح في روسيا والعالم، ويتم العمل حالياً على اختيار التوقيت الأنسب لسفر الفرقة.

وتخطط الفرقة لإحياء حفلات دورية تسلط الضوء على موسيقا المكونات السورية، والتي تعتبر إرثاً ثقافياً لا مادياً مهماً لسورية والمنطقة.

يذكر أن فرقة (منفردو دمشق) تتألف من أندريه مقدسي وجورج طنوس على آلة الكمان، وتالار كعكه جيان على آلة البيانو، ومحمد نامق على آلة التشيللو، وربيع عزام على آلة الناي، وماهر خضر على آلة القانون، وباسم جابر على آلة البزق، وشفيق ياغي على آلة الإيقاع، وسناء بركات وميشيل سنونو (غناء)، والمجموعة بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان.

رشا محفوض

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency

انظر ايضاً

لجنة الانتخابات الرئاسية الإيرانية تعلن انتهاء عملية التصويت وبدء عملية فرز الأصوات

طهران-سانا أعلن المتحدث باسم لجنة الانتخابات الوطنية الإيرانية محسن إسلامي عن انتهاء عملية التصويت، وإغلاق …