سيناريوهات الكماشات المطبقة

هل حقاً أخطأت قناة هيئة الإذاعة والتلفزة الأمريكية عندما عرضت صوراً لعوائل فلسطينية تقف بين الدمار على أنها لعوائل إسرائيلية، وعندما وصفت حالهم بأنه نتيجة «الدمار الذي خلّفته أمطار الصواريخ الفلسطينية على إسرائيل»..
في الوقت الذي عادت فيه، وبعد يومين من تلك الفضيحة الإعلامية، لتوضح ـ بعد انتهاء مفعول الصدمة والهدف ـ وتستر وجهها من خلال نشرها على حسابها على التويتر، اعتذاراً أريد له أن يكون خجولاً، من أن الصور التي عُرضت في تاريخ الثامن من الشهر الجاري «أي التي عرضتها» هي صور لعوائل فلسطينية تقف بين دمار بيوتها، وليست لعوائل «إسرائيلية»، وذلك بعد أن كشف تلك الصوَر وفضحها الزيُّ النسائي الفلسطيني ليبيّن فداحة ومدى الكذب والنفاق والتضليل، ما يعني أن الاعتذار عنه لايغني ولا يسمن، لأن الصدمة وفعل الرد انتهى بشأن تلك الصور التي تصدّرت الشاشات الأمريكية؟.
ومع أن أمريكا عوّدتنا على أن وجودها قائم ببركات اللوبي الصهيوني، ودعاء حاخامات «إسرائيل»، فلا يمكن أن يكون الأمر قد مرّ هكذا عفو الخاطر على إعلامية وصِفت بالمخضرمة في أهمّ برنامج لها في «ABC news»، في الوقت الذي تسعى فيه أميركا في مجلس الأمن، وبالتنسيق مع الأردن التي تمثّل الدول العربية في المجلس، كي تمنع صدور قرار يدين الهجمات الجوية العدوانية الإسرائيلية التي أدت إلى قتل المئات من المدنيين في غزة.
والموضوع برمته، يصبّ في خانة الخدمة التامة للسيد الإسرائيلي من كل جوقة التآمر المشاركة في تفتيت المنطقة وتدميرها، انطلاقاً من الزيارة الثانية، خلال خمسة شهور، للملك الأردني لأمريكا، ومباحثاته المتمحورة حول السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ومروراً بغارات الطائرات الإسرائيلية على قطاع غزة… الطائرات التي تؤمّن وقودها الحليفةُ تركيا.
ولا غرابة، فالالتزام الذي قدّمه الرئيس أوباما، والعهد الذي قطعه خلال لقائه الملك الأردني في المرة السابقة في الرابع عشر من شباط في كاليفورنيا، يبيّن كم هي العلاقة وثيقة، حتى لاقى الملك الاستحسان والمديح من أوباما بالقول: «قلة من أصدقائنا وشركائنا وحلفائنا حول العالم أظهروا ثباتهم ووثوقيتهم مثل جلالة الملك!».
يتوّج هذا الالتزام ما كشفته المعلومات المسرّبة، عن أن الحل الوحيد الذي يؤمّن لـ «الكيان العبري» حمايته، يكمن في خلق عدو قريب من «إسرائيل»، لكن سلاحه موجّه إلى الدول الاسلامية الرافضة لوجوده، ضمن خطة بريطانية –أمريكية- صهيونية قديمة، تُعرف بـ«عشّ الدبابير» وهو اللفظ نفسه الذي ورد على لسان جون كيري، وهو يصف تجمع الإرهاب في المنطقة.. وهذه الخطة تهدف طبعاً إلى خلق تنظيم إرهابي قادر على استقطاب المتطرفين من جميع أنحاء العالم.
ومع الإشارة الأكثر أهميةً، إلى أن هذا الاعتداء الصهيوني السافر/القصة المفتعلة/، يخدم «إسرائيل» أولاً وآخراً، نقف عند السؤال: لماذا كان اختيار هذا الوقت بالتحديد؟.
ربما آلية التداخل المعلوماتي المتناغم بين التنظيم الإرهابي الممتد على رموز التسميات وسيناريوهات الكماشات المطبقة، المحضِّرة لمشروعات جديدة، ارتأت بما يحضر في الإجابة احتضان وتسويق هذه القصة المفتعلة على حساب الدم الفلسطيني.. والعدوان الذي قتل المزيد من إخوتنا في الأرض المحتلة، خدمةً للكيان الصهيوني، وسيناريوهات الفوضى وإشعال المنطقة من كلّ أطرافها، بعد أن برز الضعف العربي بأبشع صوره، وانبطحت شماخاته على عتبات «إسرائيل»، بالرعاية والأموال، في ذاك التدمير الممنهج للوجود، والعمل على التوطين خارج الأرض، كرمى لعيون «إسرائيل» و«إسرائيل» فقط… وعلى مبدأ «كرمال عيونها يكرم مرج عيون كلّ الإرهاب في العالم» لأنه صنيعتها، وفي خدمتها، دوام وجودها في هذه المنطقة..!
بقلم: رغداء مارديني