طلاب سوريون تجاوزوا تحديات الحرب ومنحوا التفوق معاني جديدة-فيديو

دمشق-سانا

قصة تحد جديدة نسجها طلاب وطالبات الثانوية العامة بمدينة دمشق وبعد رحلة من التعب والجد تجاوزوا خلالها تحديات الظروف التي خلفتها الحرب الإرهابية على سورية وأحسنوا استثمار وقتهم وطاقتهم ووصلوا إلى حلمهم بتحقيق المراكز الأولى في شهادة الثانوية.

وفيما قصة النجاح واحدة تفاوتت ظروف الطلاب في سعيهم وراء هدفهم وتنوعت أساليبهم في تحصيلهم الدراسي بالتوازي مع متابعة مستمرة من أولياء الأمور واهتمام جدي متواصل من مدرسيهم الذين أخذوا على عاتقهم نجاح الطلاب لزرع بذور المستقبل فيهم وصولا إلى نجاح لا ينقصه إلا بعض العلامات عن المجموع التام.محمد نجم

محمد أحمد نجم الذي درس حتى الفصل الثاني في قرية جبعدين وتركها “لتردي أوضاعها وتحول الدراسة فيها إلى شبه المستحيل” لينتقل مع أهله إلى دمشق ويتابع تحصيله العلمي في ثانوية الشهيد فايز منصور حصد التفوق في النهاية بمجموع وصل إلى 2893 درجة.

ويوضح أحمد نجم والد محمد أن تفوقه كان “اعتياديا” إذ أنه كان يحصل على المرتبة الأولى في الصفوف الانتقالية سواء على المدرسة أو على شعبته كما تم تكريمه بالمراكز الثقافية الموجودة بالمناطق التي قطنوها.

ويرى محمد حسن مدير ثانوية الشهيد فايز منصور أن التفوق مطلب جميع طلابالطلاب وحاجة أساسية لتقدم وتطور المجتمع ويعد أهم أولويات العملية التربوية لافتا إلى الهدوء الذي كان يتمتع به الطالب محمد والمثابرة والاجتهاد اذ كانت العملية التدريسية تشاركية مع اهله والكادر التدريسي موضحا أن “الصعوبات التي واجهت الثانوية خلال العام هي ازدياد نسب الطلاب المهجرين لكن تم تخطي هذه المشكلة عبر المتابعة المستمرة معهم ومع أولياء أمورهم وتلبية بعض مطالبهم”.

الطالبة دعاء محمد لؤي زكريا الحاصلة على المرتبة الثانية في دمشق بمجموع 2878درجة في الثانوية العلمية تشير إلى أنها كانت تفضل الدراسة الصباحية والابتعاد عن السهر لأوقات متأخرة وخاصة في المواد الحفظية التي تتطلب تركيزا كبيرا وحرصت على تحقيق طموحها عبر المثابرة والانجاز موضحة أن “المشكلة الأساسية” التي عانت منها خلال العام هي “انقطاع الكهرباء بأوقات غير منتظمة”.

وعن أسباب تفوق ابنتها دعاء التي كانت حصلت أيضا على المرتبة الأولى على مستوى القطر في شهادة الإعدادية الشرعية أشارت الدكتورة رزان الصالحاني إلى تنظيم أوقات الدراسة والمتابعة اليومية للدروس ساعدت ابنتها على الحصول على المرتبة الثانية.

ورغم نزوحه من مخيم اليرموك وتنقله في أكثر من منطقة بدمشق تمكن الطالب يمان موفق عطوة من الحصول على 2869 درجة في الفرع العلمي عبر المواظبة في الدراسة التي بدأها بدورة صيفية واستمر بها على مدار العام بتركيز ومتابعة يومية.

وترى الدكتورة زكاء جميل السيد والدة يمان أن تفوق ابنها “نتيجة طبيعية” لالتزامه وحرصه واستثمار وقته إضافة لجهود مدرسته الباسل للمتفوقين المختلطة التي حرصت على التعامل بروح الفريق الواحد بين الطلبة والمدرسين.

بدوره يقول مدير ثانوية المتفوقين نعمة الله مسوح أنه “كان لدى المدرسة طموح أكبر من النتائج التي حصل عليها الطلاب رغم أن 45 طالبا من أصل 90 حصلوا على علامات شبه تامة بين 2300 درجة وما فوق إلا أنهم تأثروا بصعوبة بعض المواد”.1

ويشير مسوح إلى أن الخطة التدريسية في المدرسة هي خطة وزارة التربية يضاف إليها 4 إلى 5 حصص أسبوعيا عن باقي المدارس للرفع بسوية الطلاب وتفوقهم موضحا أن من أساسيات النجاح والتفوق العمل الدؤوب خلال العام الدراسي .

الطالبة ندى خالد شواهين الأولى على القطر بالفرع الأدبي والحاصلة على مجموع 2745 درجة من مدرسة عبد القادر المبارك تروي قصة عام دراسي منتظم لم يتخلله دورات اضافية أو دروس “خصوصية” فكانت حيرتها منذ بداية العام بالاختيار بين كليتي الإعلام والحقوق الدافع الأساسي لتفوقها مشيرة إلى أن الصعوبة التي واجهتها منذ بداية العام كانت بأسئلة المنهاج الاستنتاجية إذ تتطلب فهم المنهاج بشكل كامل للإجابة على الأسئلة إلى جانب “الضغط الكبير” ببرنامج الفحص.

وفي قصة أخرى وقفت قذائف الحقد الإرهابية المستمرة خلال أيام الدراسة عائقا أمام حصول الطالبة في الفرع الأدبي دانيه نواف المخلوف الثانية على مدينة دمشق على العلامة التامة لافتة في الوقت ذاته إلى أن برنامج الفحص كان “متراصا” من ناحية الأيام “إذ لا يوجد أيام كافية للراحة والمراجعة بشكل جيد لجميع المواد”.

فيما لم تمنع الظروف الصعبة وإقامتها في منزل مزدحم بسبب الأحداث الطالبة رويده محمد عبد الواحد الحاصلة على المرتبة الثالثة في مدينة دمشق بمجموع 2657بالفرع الأدبي من تحقيق حلمها بالتفوق للتسجيل بقسم اللغة الانكليزية وآدابها إذ تابعت دراستها بشكل متقطع بدورات الشبيبة في مدرسة عبد الرؤوف سعيد مؤكدة أن أهلها كانوا الدافع الأكبر والمحفز الرئيسي على الدراسة رغم الظروف السيئة التي مرت بها.

ويؤكد مدير تربية دمشق محمد مارديني أن العملية الامتحانية في مدينة دمشق “تتم بطريقة دقيقة ومتابعة حثيثة” وبجميع الوسائل التي توفر الراحة للطلاب خلال الامتحان لافتا إلى أنه تم اختيار مراكز امتحانية في مناطق آمنة لعدم تعطيل العملية الامتحانية كونها مستهدفة منذ بداية الأزمة.

ويشير مارديني إلى أن نسبة النجاح بدمشق بلغت 51ر67 بالمئة في الفرع العلمي و78ر51 بالمئة في الفرع الأدبي مبينا أنه من الأعباء التي تحملتها المديرية خلال العام زيادة نسبة الطلاب الوافدين الذين تجاوز عددهم 36105 وخروج نحو 98 مدرسة من الخدمة ما أدى إلى صعوبة في توفير كل احتياجات الطلاب وفي توزيع المدرسين لكن تم التغلب على هذه الصعوبات بتحويل الدوام إلى نصفي صباحا وظهرا كحل “اسعافي” لهذه الحالة.

وفيما تعني مواصلة العلم والامتحانات ركيزة أساسية للاستمرار بعملية بناء وتطوير الدول تكتسب سورية معاني إضافية وهي تحدي كل من يحاول تعطيل الحياة فيها والوقوف بوجه أبنائها أحفاد حضارة وتاريخ يمتد لآلاف السنوات.

تقرير: ماهر أبو البرغل