نحاتون سوريون يبدعون ضمن الملتقى الاحترافي الأول للنحت على الرمل باللاذقية

اللاذقية – سانا

على صوت أمواج البحر في شاطئ نادي اليخوت باللاذقية افترش قرابة عشرة نحاتين من مختلف أنحاء سورية رمالهم التي كانت مادتهم الأساسية لتجسيد مجموعة من الأفكار الفنية تركت لهم حرية اختيارها وتشكيلها على مدى أيام الملتقى الاحترافي الأول للنحت على الرمل الذي يقام في سورية للمرة الأولى ويعد على حد تعبير المشاركين منطلقا مهما في سورية لهذا الفن العالمي المتميز.1

دراسة المادة الأولية للعمل لمعرفة مدى ملاءمتها للمشاريع التي وضعها النحاتون بأذهانهم كانت خطوة ضرورية نظرا لأن أغلبهم يتعامل مع الرمل للمرة الأولى كأساس للنحت حيث يشير النحات عبد العزيز العلي من دمشق إلى أن الرمل كمادة طبيعية يعطي دافعا إيجابيا للنحات للتعامل معه وتشكيله فالحدث بحد ذاته يستحق من الجميع إعطاء أفضل ما لديهم ليثبتوا نجاحهم في تظاهرة تقام للمرة الأولى في سورية لافتا إلى أن التعامل مع الرمل سهل وصعب في الوقت نفسه فهو سهل التشكيل لكنه هش و صعب التماسك مايفرض على الفنان انتقاء أعمال معينة ينفذها في أيام الملتقى التي اعتبرها كافية لإنجاز منحوتات مستوفية الشروط والعناصر الفنية.

المشاركة رهف علوم من السويداء أوضحت أن مرحلة ضغط الرمل تعد مهمة في عملية نحته دون نسيان ترطيبه بشكل دائم لإبعاده عن الجفاف الذي يؤدي لتدمير المنحوتة بشكل كامل وقالت “اعتمدنا على البناء الهرمي لكتلتنا المعدة للعمل الذي يحتاج أدوات للتعامل مع المنحوتات الكبيرة تختلف عن الحجوم الأصغر التي اعتدت التعامل معها بشكل عام واخترت أن أقدم لهذا الملتقى منحوتة لجسد امرأة وحاولت أن اهتم بتفاصيله قدر الإمكان واعتقد أنه سيكون جاهزا في نهاية الحدث بالشكل الذي أردته.2

أما المشاركة كنانة الكود من دمشق فقد بينت أن المشاركين يعتبرون مجموعة متميزة ومتمرسة في مجال النحت وقد بحثوا جميعهم عن حلول مناسبة للتعاطي مع الرمل الذي فرض عليهم طريقة معينة في النحت فالرمل مادة طبيعية تشبه الخشب والحجر والطين الذي يستخدمونه في عملهم لكنه يحتاج لفهم أوسع لطبيعته فالتجربة ليست سهلة بالنسبة لهم مشيرة إلى أنه على الفنان أن يتكيف مع جميع الظروف الموجودة بغض النظر إن كانت جيدة أو سيئة.

وأضافت.. عندما بدأت العمل لم يكن بذهني موضوع معين بل انتهجت أسلوب التجريب وبعد أن فهمت المادة بشكل جيد قررت التعامل معها ككتلة هرمية لتشكيل جسد طفل نائم يناسب جو ورشات عمل الأطفال التي تقام على هامش الملتقى فأردت التوجه إليهم ليتواصلوا مع ما نقدمه بشكل أفضل.3

التخوف من بذل جهد كبير لمنحوتة لن تستمر طويلا لم يؤرق المشاركة علا سليمان من بانياس التي بينت أن وجود نحاتين شباب من بيئة ساحلية لا يعطيهم أفضلية على نحاتين من محافظات داخلية فالموهبة هي الأساس في هذا العمل لكن معرفة التعامل مع الرمال بالأسلوب الصحيح للمرة الأولى يحتاج مهارة من النحات لتجنب مشكلة هبوط المنحوتة في أي لحظة.

واتجهت سليمان إلى المدرسة الواقعية في اختيار موضوع لمنحوتتها التي تمثل ولادة المرأة التي تعتبر بداية حياة جديدة لأي مخلوق أو تكوين جسدته على شكل كتلة كروية خارجة من جسدها وقد ادخلت علا إلى منحوتتها بعض الأكسسوارات المعدنية والطبيعية لكن ارشادات النحت على الرمل تشدد على أن يكون هو المادة الوحيدة والأساسية في المنحوتة لذلك ستغطي هذه الإكسسوارات بالرمال لتبدو متناسقة مع تشكيل المنحوتة ككل.

من جهته لفت النحات علي الشيخ من اللاذقية إلى أن الرمل بحد ذاته يتطلب طريقة معينة لجمع حبتين منه مع بعضهما من خلال المياه والضغط للحصول على كتلة متلاصقة تحتاج ذكاء النحات ليوظفه بشكل صحيح في التكوين بأكمله ليجسد الفكرة الموجودة بذهنه بمحاور فنية شاقولية لكن على أرض الواقع تحتاج بعض التدوير للكتلة بحيث يتحايل الفنان على الوجه مثلا ويجعله مرفوعا أكثر للأعلى ليصبح وزن الكتلة قادرا على حمل الرأس بشكل صحيح دون حصول انهيار.4

وتابع .. أن الرمل قادر على إبراز التفاصيل التي يريدها النحات دون الحاجة للدخول فيها بشكل كبير فالعمل بالرمل بقدر ما هو كلاسيكي فيه الكثير من النفس التعبيري لذلك اختار موضوعا قريبا لبيئة البحر التي نعمل ضمنها وبدأت العمل بتجسيد قوقعة بحرية أخذت الشكل الحلزوني يمكن أن نجد في فوهتها وجه رجل أو كائن يسكنها وستتكون لدي التفاصيل النهائية في نهاية الملتقى بكل تأكيد.

يذكر أن الملتقى الاحترافي الأول للنحت على الرمل الذي تقيمه الجمعية الوطنية لإنماء السياحة في اللاذقية بالتعاون مع غاليري مصطفى علي بدمشق يستمر حتى الخامس عشر من آب الجاري بمشاركة فنانين من مختلف المحافظات السورية .

ياسمين كروم