شاعرات سوريات في مواجهة الأزمة..أمسية شعرية تسود فيها النزعة الوطنية

دمشق-سانا

شاركت مجموعة من الشاعرات السوريات في مهرجان شعري أقيم في المركز الثقافي العربي في أبو رمانة غلبت عليه المواضيع الوطنية.

وقد تجلت الروح الوطنية في كل النصوص التي ألقتها الشاعرة هيلانة عطا الله عبر نسيج تعبيري تكون من العاطفة والموسيقا والسرد المعنوي الذي أراد أن يكون انعكاسا لواقع المرأة السورية فقالت في قصيدة “يا وطني” يا وطني الحلو أيا وطني .. تبكي من داء يستشري والبيد تنام على وثني .. لكن نجيعك ما مات يا وطن الطعنات هذا جمهورك في الأزمات يرتد إلى رحم التاريخ .. والحق الحق مبين .. فالموت السوري سقوط أبدا للأعلى.

ثم ألقت الشاعرة عبير عطوة نصا نثريا تعبر فيه عن غضبها على المتآمرين ضد سورية موضحة أن من الأجدى ان يحرر القدس من الاحتلال الإسرائيلي وقتال كل من يحاول التعدي على أراضينا لكنها لم تقيد بالمنظومة النثرية فاستعارت قافية الباء لتقيد نصها فأرهقته نظرا لعدم وجود الوزن والموسيقا ما يتطلب تعويض ذلك بالصورة والدلالة فقالت في قصيدة أرتدي حلمي “بعض شمس يزحف على جدار قريب .. أزحف من عزلة الليل .. لأتجول وحيدة في جمجمتي .. فأرى ممالك أشبه بالحطب .. يا فرسانا من رمال وخشب .. يا جنود النفط واللعب .. اين الغضب”.

أما الشاعرة وداد سلطان فتمكنت من الاعتماد على موسيقا داخلية في الارتكاز على أكثر من نغمة لتبشر في نصها أننا أمة لا تخاف ولا يمكن لشعب مثل شعب سورية إلا أن يكون صامدا قويا تقول في نصها الذي جاء في عنوان في تلك البلاد “في تلك البلاد حيث لا مكان للخوف .. كانوا يزرعون الرماد .. ثقافة من نار وجع وانتظار.. وجوه كالجدار .. وحديث شهرزاد .. لم ينته بعد”.4

أما الشاعرة انتصار سليمان فبينت أن الشام لا يمكن أن ينال منها أحد وأن جمالها سيبقى متجددا متطورا متحديا للزمن وذلك عبر نثرية مكونة من استعارات تدل على حب كبير للشام بصفتها رمز الوطن عند الشاعرة تقول في قصيدة تغزل من توتها “في الشام نزرع التوت .. ونبني خلية النحل ..ونغزل من شعاع الشمس أردية العروس ..في الشام نفرط الحزن الأليف على شبابيك المدى .. ونعجن الضحكات بضوع الياسمين”.

كما جاء نص الشاعرة ريما خضر بأسلوب نثري سيطرت عليه نزعة الخطابة فعوضت عن مقومات الشعر بانتماء وطني يبشر بالنصر ويشير إلى أن المرأة السورية مشاركة فاعلة في المقاومة ضد الإرهاب وضد كل من يعتدي على الوطن فقالت في قصيدة وطني “تحت سقف السماء وطني .. وتحت سقف وطني نلتقي طيبون جدا .. نحن لا نحب الأسقف المستعارة”.

بينما خرجت عالية النعيمي من ملكوت الشعر لتعبر بلهجة خطابية عن قوة شعب لا يمكن أن يركع أمام التحديات مهما كانت قوية مكتفية بالنبرة الوطنية القوية التي تميزت بها المرأة السورية في مواقفها فقالت في قصيدة تحية “تحية من القلب نرسلها لأبناء الشعب لا يركع وأحر التحيات أهديها .. لتلك الهامات لا تخضع لأناس يأبون الرحيل .. كإسفين في صدر الغدر لا يقلع”.

وألقت إيمان موال قصيدة بعنوان أطفال عكرمة بدا فيها الحزن كبيرا على أولئك الأطفال الذين اغتالتهم يد الغدر وقطفتهم من حدائق سورية لتحرمهم الحياة ورغم أن دور الشعر لم يكن حاضرا في النص فإن دور المرأة الحرة كان جليا فقالت “لم يئن الوقت للغياب .. كم تدافعتم بمرح كم تسابقتم . وأنتم ترددون علم بلادي مرفوع”.

وفي عاطفة متدفقة ابدت الشاعرة طهران الصارم حبا كبيرا للأطفال السوريين الذين تنشد لحياتهم وتتمنى لهم الخير محاولة أن تقدم استعارات تعبيرية عبر ألفاظ مبسطة لأداء دورها في قصيدة النثر تقول في قصيدة بعنوان في انتظار الحرب “المرأة التي تقف خلف النافذة .. تصرخ بالأولاد .. اقطفوا ورد الرصيف لا تتركوه يموت على غصنه .. تتمنى أن يعلوا صراخهم بالحي تشتهي أن يكسروا زجاج بيتها .. وأن يسبوا شعرها الأبيض .. أن يقذفوا بكرتهم الملونة المرأة خلف النافذة .. ملت الصمت” أما صبا بعاج قدمت قصيدة غزلية تدل على حضور موهبة تحتاج إلى مزيد من الصقل لتتخطى بعض الخلل التركيبي في المفردات التي جاءت لتقفل عباراتها الشعرية معتمدة على حرف الدال الذي يستخدم للعنفوان والقوة والتضاد أكثر من العاطفة والغزل دون أن تنفلت نهائيا من الموسيقا فكانت النغمة حاضرة بشكل جزئي قالت في نصها لا تبتعد “لا تبتعد بعشقك تعشقه .. وإن ما كان لك .. شربت طل هواه وما زلت تستزد فكيف تأخذ ما أعطيت ..أتبتغي بعد البعد وصالا قليلا صدا تستزد”.

الناقد أحمد هلال الذي لم يتعرض لنقد أي قصيدة برغم اشرافه على المهرجان اكتفى بقوله “إن هذا العنوان” الشعر في مواجهة الأزمة “يؤكد أن الشعر بصرف النظر عمن يكتبه هو الدور والماهية والرؤية والموقف وصولا إلى الرسالة”.

غير أن بعض النصوص الشعرية تحتاج إلى إعادة نظر للتخلص من إشكالاتها العالقة حيث ضيعت انتماء شكلها الشعري فاختلط النثر بالمقفى وثمة ضياع في بعض القصائد لمعنى الشعر فمنهن من ظن أن الكلام المقفى يمكن أن يكون شعرا حتى ولو افتقد الوزن والصور ومنهن من تقدم في محاولته ومنهن من نجح إلا أن حب الوطن والحماس توفرتا تماما في كل النصوص برغم الغلط اللغوي الذي جاء في بعض النصوص كعدم الالتزام بالتنوين والفتحة عند صبا بعاج وعدم التزام كل الأطراف بجمع كلمة شاعرة التي تأتي على شواعر والذي يدل على العدد الكثير وتركها شاعرات والتي كانت عنوان الأمسية.

محمد الخضر

انظر ايضاً

شاعرات سوريات يستعدن روح تشرين التحرير

دمشق-سانا لا تزال حرب تشرين التحريرية تلهم الشاعرات السوريات لاستنهاض روح المقاومة ومواجهة العدو بقصائدهن …