رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب: مهما عملنا لن نرتقي لمكانة الفيحاء اللائقة بها

دمشق-سانا

يطوع الباحث محمد الحوراني ثقافته واطلاعه لخدمة جهده الفكري عبر الكتب التي يضعها أو الدراسات التي يعدها والتي يركز فيها على الفكر السياسي والبحث القائم على أسس تاريخية.

ولكن الحوراني الذي انتخب في شهر تموز الفائت رئيسا لفرع اتحاد الكتاب العرب بدمشق يشير خلال حديث مع سانا إلى تراجع القراءة والمطالعة عند شريحة واسعة من الناس معتبرا في الوقت نفسه أن ثمة مشكلات كبيرة يعاني منها الكاتب في الوطن العربي أهمها “مشكلة الرقابة على صناعة الكتاب ومشكلة الضمير فبعض الكتاب يمتلك من الجرأة ما يعجز الناشر عن تبنيه وطباعته مع شيوع استسهال الكتابة عند الغالبية العظمى ممن يضعون كتبا في المنطقة العربية”.

وأضاف “بعض الكتاب لا يهتمون إلا لوضع اسمهم على غلاف هذا الكتاب أو ذاك وطباعته وبعضهم يتبارى في الكم على حساب النوع ولعل الاستسهال هذا يجد انتشاراً كبيراً في الأجناس الأدبية من قصة وشعر وغيرهما أكثر من غيره من الدراسات الأدبية والفكرية والسياسية فكم من ديوان شعري طبع ولم يطلع عليه إلا صاحبه وكم من مجموعة قصصية لم تعجب ألا مؤلفها”.

وعن رأيه بقلة المؤلفات العربية عموما والسورية خصوصا في الفكر السياسي أوضح الحوراني أن الكتابة في الشأن السياسي والفكري الرصين من أصعب أنواع الكتابة والبحث لما تتطلبه من جهد كبير ومتابعة حثيثة مع معرفة دقيقة بما تنشره مراكز الأبحاث والدراسات في العالم إضافة إلى أن “الناشر العربي يهتم في الدرجة الأولى بطباعة الكتاب الرائج والذي يحقق ربحاً أكثر ولهذا نرى الكتب الآنية والعناوين الخداعة هي التي تغزو المكتبات العربية وترهق دور النشر”.

ويتابع رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتاب “نلاحظ أن الكتب الاستراتيجية والاستشرافية قليلاً ما تجد طريقها إلى الطباعة والنشر إلا أن هذا لا يعني في حال من الأحوال خلو المكتبة العربية من الكتب المهمة والنوعية في شتى أصناف الأدب والبحث الفكري والسياسي رغم أنها ضئيلة للغاية”.

وعن تفضيل القارئ العربي مطالعة الكتب المترجمة في مجال التأريخ والفكر السياسي عن مثيلاتها العربية قال الحوراني “لأنها أكثر عمقاً وارتباطاً بالهم الثقافي والفكري والمعرفي وحتى السياسي من تلك المطبوعة عربياً أو معظمها فمثلاً لم يظهر حتى اللحظة كتاب عربي يتحدث عن أسباب ما يسمى الربيع العربي الخفية ككتاب عرابه الصهيوني الفرنسي برنار هنري ليفي” معتبرا أن الدراسات الاجتماعية والفكرية المترجمة تلامس حاجة القارىء العربي أكثر من مثيلاتها المؤلفة بالعربية.

ورغم ذلك فإن الحوراني يؤكد أن الترجمة تلعب دوراً مهماً في التطور الفكري والأدبي والمعرفي كما أنها تؤسس لحالة من الارتقاء الحضاري والاستفادة من تجارب الآخرين والاطلاع عليها إضافة إلى مساهمتها في تطور ثقافات الشعوب معتبرا أن الشعوب والحضارات التي لا تولي الترجمة الأهمية الجديرة بها تظل بمثابة شعوب ميتة وثقافات جامدة خارج دائرة الإنتاج المعرفي الدولي المتسارع.

وعن البنية الفكرية التي يرتكز عليها في كتاباته أوضح أنه ينطلق من أن التخلف والإقصاء والبعد عن ثقافة الحوار والتسامح هي أساس مشكلاتنا.

ولفت إلى أن المتعصبين والمتزمتين لا مكان لهم في أي حوار لأنهم اقصائيون وهؤلاء لا يمكنهم العيش في مجتمع متسامح أو في دولة وطنية.

وعن رأيه في عدم وجود بحث حقيقي في الوسائل الإعلامية والأدبية وغيرها يرى الحوراني ان ذلك يعود إلى “الاستسهال في العمل وشيوع المحسوبيات التي تضرب عميقاً في المشهد الثقافي والإعلامي العربي ولا سيما الرسمي منه” مؤكدا أن البحث المعرفي والإعلامي والأدبي الرصين بحاجة لمن يمتلك أدواته ولاطلاع واسع وقراءة متأنية وهو ما لا يقدر عليه معظم المشتغلين في هذا الشأن في الواقع الراهن.

ويعترف الحوراني بجسامة المهمة الملقاة على عاتق فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب في تكريس الجانب الإبداعي لهذه المدينة فيقول “مهما عملنا فلن نرتقي لمكانة الفيحاء اللائقة بها فاتنة الشعراء وملهمة الأدباء والتي قال فيها وفي أهلها الشاعر الأخطل الصغير..
“باكرتها والزهر يشرق بالندى في فتية شم الأنوف صباح
أهلُ الندى والبأس إن تنزل بهم تنزل على عرب هناك فصاح”

ويضيف “نحاول من خلال عملنا أن نرد لدمشق بعضاً من فضلها علينا ولهذا نقيم فعاليات أدبية وندوات سياسية وفكرية تتحدث عن أهمية هذه المدينة والأسباب الكثيرة التي تجعلنا نقدم كل غال ونفيس بغية الدفاع عنها وعن كل ذرة تراب من بلدنا الغالي فضلا عن الكثير من الندوات عن دمشق في الشعر والأدب وعن دورها في الحفاظ على الأمة العربية ووجودها تاريخياً وتكريم العديد من الأعلام ممن أسهموا في خدمة الفيحاء والدفاع عنها إضافة إلى مسابقات ومهرجانات أدبية وشبابية تتناول واقع دمشق والرغبة في النهوض به”.

ويتابع “إن المهمات الملقاة على كاهل اتحاد الكتاب العرب كبيرة جداً وتزداد ضخامة وثقلاً مع الحرب الإرهابية المجنونة التي تشن على هذا البلد المقاوم ومع هذا فإن الاتحاد يحاول دائما النهوض بواقع الأدباء والمثقفين من أعضاء الاتحاد ورغم كل الصعوبات والعقبات فما زال يطمح لتقديم الأفضل للمثقفين والأدباء كما يطمح بتطوير استثماراته وعمله”.

يشار إلى أن محمد الحوراني من مواليد 1975 يحضر للدكتوراه في التاريخ في الجامعة اللبنانية بعنوان “الكتلة الوطنية ودورها في استقلال سورية من 1927/1946”..عضو اتحاد الكتاب العرب جمعية البحوث والدراسات له مئات المقالات والأبحاث المنشورة في الصحف والدوريات السورية والعربية.

في رصيده سبعة كتب مطبوعة هي القوميون والاسلاميون من الصدام إلى الحوار وأقنعة الاستبداد ومحنة التحديث في العالم العربي وعولمة التعذيب .. خفايا سجون الديمقراطية الأمريكية ولسنا أعداء لكم والتغلغل الإسرائيلي في العراق من الثورات الكردية إلى الحكومات الانتقالية والاختراق الإسرائيلي لإفريقيا .. السودان أنموذجا والتعليم في ولاية دمشق في العصر العثماني وله قيد الطبع دور إسرائيل وحلفائها في ثورات الربيع العربي سورية أنموذجا.

محمد خالد الخضر