إرهابان في واحد

قبل أن يثير منظر إعدام الصحفي الأمريكي ذبحاً الغرابة.. كانت تلك الغرابة في اللون البرتقالي الذي يحمل رمز سجن «غوانتانامو» الأمريكي الذي قام, فيما سبق, الرئيس الأمريكي باراك أوباما بإطلاق مساجينه، وقد انتشر الكثير منهم في هذه المنطقة منضوين تحت لواء الرايات السوداء, حاملين الموت والدمار أينما حلّوا… ويبدو أن الخوف من عودة هؤلاء الإرهابيين الذين صنعتهم الإدارة الأمريكية وحلفاؤها إلى دولهم، بات حقيقةً واقعةً، لم تعد تقاس بما حققوه من أهداف كانت مرسومةً لهم، ولاسيما بعد أن تمكّنت الاستخبارات البريطانية من كشف هوية قاتل الصحفي الأمريكي، حسب صحيفة «صن» البريطانية، التي ذكرت أن «جون بيتل» الإرهابي البريطاني الذي قام بذبح الصحفي الأمريكي، كان قد سافر مع مجموعة من المتشدّدين من حي «تاور هامليتس» في لندن إلى سورية، ويتبع هو ومجموعته «البيتلز» إلى تنظيم «داعش» الإرهابي الذي يقوم بخطف رهائن غربيين, ومن ثمّ قتلهم، كما أن وزير خارجية بريطانيا الذي أدان في وقت سابق ذبح الصحفي الأمريكي جيمس فولي، أكد أن منّفذ عملية الإعدام هذه قد يكون مواطناً بريطانياً..

بريطانيا، إحدى الدول الراعية للإرهاب، وداعم مؤسّس مع حليفتيها تركيا وأمريكا لما يسمى تنظيم داعش الذي سيكونون على موعد معه على أراضيهم، حتى ولو سارعوا مؤخراً لاستصدار قرار من مجلس الأمن اتخذ من المشروع البريطاني أرضيةً له، لمنع دعم الإرهاب الداعشي، ولاسيما من حيث إرسال المئات من الذين جنّدوا, وتدفقوا عبر الحدود للالتحاق بهذا التنظيم الإرهابي وبخاصة في سورية والعراق.

والسؤال: كيف يمكن لدولة أطلسية مثل تركيا، أن تترك الآلاف من هؤلاء يسرحون ويمرحون على أراضيها من دون أن تحرّك ساكناً تجاههم؟؟ تُرى هل ألزم قرار مجلس الأمن تركيا باعتقال هؤلاء الإرهابيين على أراضيها؟ وهل طالب تركيا بعدم شراء النفط السوري والعراقي من الإرهاب الداعشي؟ وهل طالب بمنع الداعشيين من التدفق عبر الحدود، وهل.. وهل؟!

الأسئلة المثارة حرّضت على سؤال محلّل تركي، وهو أستاذ في الجامعات التركية، لكنه امتنع عن الإجابة عندما سألته مذيعة التلفزيون: هل داعش عدو لتركيا؟ فلم يجب, فأعادت السؤال بقولها: أسألك سؤالاً محّدداً هل «داعش» عدو لتركيا، أجب بنعم أو لا.. وبما أنه الناطق باسم أردوغان والمدافع عن سياساته في المنطقة، فإنه لم يجب, لأن تركيا, وحسب الخريطة المسرّبة من تركيا, هي مَنْ صنعت حدود «داعش»، بالتعاون مع المخابرات البريطانية.

إذاً، الرعاة المباشرون الداعشيون: تركيا، وبريطانيا، والعرّاب الأمريكي يعرفون تماماً إلى أين يجب أن يسير قرار مجلس الأمن، ضمن السيناريو المعدّ له بعد فشل عشرات السيناريوهات.. ولاسيما إذا أشرنا أن المؤامرة المصنّعة تحتاج إلى الاكتمال والتبلور في ظل إعلام غربي يدعم القتلة «خريجي غوانتانامو»، لأن فضيحة ذبح الصحفي الأمريكي، هي فضيحة للشعب الأمريكي، وتصريحات الغرب الحالية تدل على نيّاته تجاه القرار «السكّري الملبّس بحلاوة مكافحة الإرهاب» في محاولة لخلط الأوراق في ظلّ صعود أردوغان للرئاسة, وتعيين أوغلو مهندس المؤامرة رئيساً للحكومة، وما يحدث في لبنان، والعراق، والأردن, حيث أخذ الملك عبد الله الثاني السلطة من الجيش والمخابرات, فيما مصر قابعة تحت الإبط السعودي.

الإشراف المباشر على تنفيذ حدود «داعش» الإرهابي في المنطقة، لا يبتعد عن الأهداف التي طالما رعتها دول الإرهاب، حتى ولو بدا التمدّد الداعشي بأبشع صوره, لأنها في النتيجة رسمت الأهداف التقسيمية, بما تحمل من مصالح اقتصادية, وسياسية, وأمنيّة في المنطقة، وما زالت تنتظر النتائج التي لا يمكن لها أن تحيد عن تنفيذها وانتظارها بعد أعوام من «الربيع الداعشي» الإرهابي الدموي، وحتى لو بدا الإرهاب إرهابين في واحد: أحدهما صُنع في غوانتانامو، والآخر صُنع في المنطقة بأيدي الرعاة الحصريين الذين فلتت من أيديهم الخيوط، واختلطت الأوراق، فكان البحث مستمراً عن سيناريو جديد قاتل, بعد البحث عن أسباب جديدة!!!

بقلم: رغداء مارديني