فعلها الأميركي ثم صار منقذا- الوطن العمانية

الرياح السموم التي تهب على المنطقة ظاهرة غريبة عنها، وإذا كان العرب قد رفعوا الصوت وكان آخرهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله الذي اعتبر أن “داعش” ستصل أوروبا وأميركا، فإن هذا العالم مطالب بالتوحد لمواجهة هذا الخطر، وباتخاذ الأسس التي تنهي هذه الظاهرة من جذورها قبل استفحالها.

وإذا كانت سورية وكان العراق بلدين مصابين بهذا الداء والخطر، وأنهما مستقره، وبالتالي يقوم البلدان بما يتوجب عليهما من قتال مستمر وبلا هوادة ضده، فلا يعني ذلك أنه سينتهي عند هذه الحدود، وإنما هو يتخذ منها موقعا كي ينقض على مواقع أخرى .. شعاره الكبير أنه بلد الخلافة، وأينما هنالك إسلام أو مسلمون ينطبق على شعاره.

ومع المطلب الأساسي بتوحيد الجهود لمقاتلة هذا التنظيم الإرهابي، فإن المسألة أدق مما هو معروف، إذ إن البلدين العربيين المذكورين يتمتعان بالسيادة الوطنية التي تأبى عليهما عدم التنسيق معهما في كل صغيرة وكبيرة قد يتخذها المجتمع الدولي إزاء هذا التنظيم. وخصوصًا سورية التي يصر وزير خارجيتها وليد المعلم على أن يكون التنسيق معها أساسيًّا وضروريًّا وإلا اعتبر أي عمل عسكري دون ذلك التنسيق عدوانًا يحق لسورية أن تتصرف بما تمليه عليها سيادتها الوطنية.

من المؤسف القول، إن ما يسمى تنظيم “داعش” هو ابن أم وأب، لم يلد من حائط هبط بالمظلة من علٍ، بقدر ما تمت ولادته على يد مجربة لها خبراتها في قيادة العالم، وتعرف بالتالي أي التفاصيل تحتاجه كل منطقة وخصوصًا الشرق الأوسط وأكثر خصوصية العالم العربي المسلم الذي تستطيع أفكار ما دغدغة مشاعر أبنائه وخصوصًا عندما يتعلق الأمر بفكرة الإسلام حتى ولو لم يكن الأمر جوهريًّا.

إذن صار ما يسمى “داعش” جزءًا من المنطقة، له مساحاته الجغرافية، وله قوته ونفوذه، وله الأموال التي يجنيها، وكان قد حصل على الكثير أثناء تمدده، إضافة إلى قوته العسكرية التي لم تأتِ من فراغ بل جاءت من الأب والأم ومن الرعاية له ومن تقديم شتى الحماية والضمانات بأن يظل صورة قائمة تحتاج لعلاج لا يمكن أن تقوم به سوى الولايات المتحدة وهي على رأس الحملة .. لكن حتى الآن ثمة كثيرون لا يصدقون أن الدولة العظمى هي من أنتج ما يسمى “داعش” رغم التوثيق الدقيق الذي فعلته وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون في كتابها الجديد “خيارات صعبة”.

لم يعد الكلام مهمًّا في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة إزاء الخطر المحدق، فلا بد من الاعتراف بقيادة الولايات المتحدة للمجتمع الدولي في حربه ضد هذا التنظيم، لكن عليه الانتباه وعلى الولايات المتحدة قبل أي دولة أخرى، أن تأخذ بالحسبان أن للأراضي السورية ولكل متر فيها سيادتها وحصانتها، وأن الدولة السورية مرجعية في هذا الأمر، وأن أي تفكير بشن ضربات ضد ما يسمى “داعش” على تلك الأراضي إنما يجب أن يكون بالتنسيق وبعد إعطاء الأمر من سورية، وإلا فالأمر خطير في هذه الحالة وقد يعرض الحملة إلى مفعول عكسي إن تم تجاوز هذا الأمر.

الكل متفق على مقاتلة ما يسمى تنظيم “داعش” لكن النقطة المركزية أن يجري ذلك ضمن الأصول.

رأي الوطن

انظر ايضاً

يبيعون بضائع فاسدة وكاسدة-الوطن العمانية

بينما يواصل كيان الاحتلال الإسرائيلي عربدته في الأراضي الفلسطينية المحتلة في القدس والضفة الغربية وقطاع …