بين حجازي وكارل فنسون بقلم: أحمد ضوا

لا يختلف إبحار حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس كارل فنسون» نحو بحر اليابان، والإفراج عن المصرية الأميركية آية حجازي مؤسسة منظمة «بلادي» غير الحكومية، بعد أن أمضت زهاء ثلاث سنوات في أحد السجون المصرية، إلا من حيث الشكل، أما المضمون فهو واحد الغطرسة الأميركية.

من المؤكد أن الإفراج عن أي سجين مظلوم هو أمر جيد ويستحق الشكر، ولكن الطريقة التي أفرجت بها حجازي بعد زيارة للرئيس المصري إلى واشنطن، وعملية نقلها إلى الولايات المتحدة، واستقبالها على الفور من الرئيس ترامب، تحمل بين طياتها العنجهية الأميركية، كما هو حال إرسال حاملة الطائرات كارل فنسون إلى بحر اليابان في ظل التهديدات الأميركية لكوريا الديمقراطية.‏

قد يرى البعض أن في ذلك اتهاماً غير منطقي للرئيس الأميركي، وأنه يستحق الشكر للوقوف إلى جانب مواطنيه، ظالمين أم مظلومين، خلافاً للكثير من حكومات الدول التي لا تهتم لشأن مواطنيها، وفي ذلك تفسير غير منطقي إطلاقاً، لأن تحرك الرئيس الأميركي العلني للإفراج عن «آية» كان فحواه إنساني، وليس مواطنياً، والأمر الذي كان يجب أن يفعله ترامب – لوكان تصرفه إنسانياً – إزاء كل السجناء الفلسطينيين والعرب الذين يخوضون معركة الأمعاء الخاوية للضغط على كيان الاحتلال الإسرائيلي للإفراج عنهم باعتبارهم أبرياء، وكل ما فعلوه أنهم دافعوا عن أرضهم وحقهم المغتصب من قبل الاحتلال الإسرائيلي.‏

إن رسالة ترامب للعالم في قصة «آية» هي ذاتها قصة إبحار كارل فنسون إلى بحر اليابان، غلافها إنساني وباطنها عنجهي، عنصري تسلطي، بسلوك رعاة البقر، وما تقدم عليه إدارة ترامب يشي بأنها لم تهضم بعض أن سورية غيرت العالم، وأن قطبها الأوحد لم يعد موجوداً على أرض الواقع، وهذا يحمل في طياته مخاطر جمة على السلم العالمي، في حال لم تدرك هذه الإدارة عدم القدرة إلى العودة لمرحلة العقد الماضي،عندما استباحت أفغانستان والعراق، وحولتهما إلى مرتع للفوضى، ونشر الإرهاب في المنطقة والعالم.‏

كل القرارات التي اتخذتها إدارة ترامب حتى اليوم، لا تدل على أنها ترى غير نفسها في هذا العالم، ويشكل الاعتداء على سورية وتهديداتها لكوريا الديمقراطية واتهاماتها لروسيا وإيران وغيرها من الدول الشكل الصارخ لعقلية «رعاة البقر»، الأمر الذي يستدعي من الدول الكبرى إلى تنبيه هذه الإدارة إلى الحجم الحقيقي للولايات المتحدة لتجنيب البشرية من أي تصرف أرعن يضاعف حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي في العالم.‏

إن الفيلم الهوليودي للإفراج عن آية حجازي لا يظهر احتراماً لأحد حتى لأولئك القضاة الذين برؤوها من التهمة المنسوبة لها قبل ثلاث سنوات، سواء أكان ذلك بإرادتهم أم من دونها، وكذلك الأمر الاستعراض العسكري الأميركي لحاملات الطائرات الأميركية في المحيط الإقليمي لكوريا الديمقراطية لاينطوي على أي اعتبار للدول الأخرى بجوارها، والتي لا تقل شأناً عن الولايات المتحدة، وهذا لا يقتضي الصمت أو السكوت من باب سد الذرائع أو غيرها من الحجج، بل مواجهة الغطرسة الأميركية ومنع إدارة ترامب من إدخال العالم في مواجهات قد تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة.‏

صحيفة الثورة