البحث عن وادي الذهب يؤدي بمشاركي مسير الجمعية السورية للاستكشاف لإعادة اكتشاف التاريخ بقلعة الكهف

دمشق-سانا

لم يكن البحث عن وادي الذهب واقعيا فهو اسم وهمي وضعته الجمعية السورية للاستكشاف والتوثيق ليس له وجود في المراجع أو أدوات البحث على الانترنت التي تعب المشاركون في الحصول على أي معلومة عنه قبل بدء المسير فالهدف اكتشاف وادي الذهب والحقيقة أن ما اكتشفوه كان يستحق هذا الاسم فهم توغلوا في وادي عميق للتاريخ واستكشفوا معلما اثريا يعود لأوائل القرن الحادي عشر الميلادي انها قلعة الكهف التي تتربع على سلسلة صخرية مطلة على وادي عميق في شمال منطقة الشيخ بدر وجنوب غرب القدموس على بعد 15كم عن كل منهما.

وأرادت الجمعية التي تضم فنانين وطلابا وباحثين ومستشكفين تسليط الضوء على القلعة الشاهقة الارتفاع المنحوتة في الصخر والتي أصبحت شبه منسية لدى الكثير من السوريين على حد تعبير خالد نويلاتي قائد نشاطات الجمعية مشيرا إلى أن القلعة تتربع على سلسلة صخرية ذات انحدار سحيق وتتوسط سلسلة من الجبال الساحلية وتمتد على مساحة ستة أمتار طولا ولايتجاوز عرضها 15 مترا وهي في معظمها منحوتة في الصخر بإسلوب الأبنية في العصر الحجري مشكلة حصنا طبيعي المنشأ ولهذا السبب سميت بقلعة الكهف.2

وقال نويلاتي.. لم يكن المشاركون يعلمون وجهة المسير الحقيقية لأننا أردنا أن يكون المكان مفاجأة لهم لاختبار ثقتهم باختيارات الجمعية.

وتجول المستكشفون الذين بلغ عددهم 113 خلال المسير داخل القلعة التي تتكون من سبع غرف منحوتة في الصخر وتوجد ضمنها أعمدة صخرية لتحمل السقف الصخري وترتفع فوق سور القلعة ثلاثة أبراج من الجهات الشرقية والجنوبية والشمالية حيث يتقدم القلعة البرج الشرقي ويطل على قلعة القدموس من الشمال الشرقي.

ويشير نويلاتي إلى أن النمط الإسلامي والمنحوتات الإسلامية على جدران القلعة تبين بأنها تعود إلى قرون خلت لافتا إلى أنها تتميز بالكهوف المنتشرة فيها والقاعات الواسعة المخفية أسفلها مضيفا أن “القلعة هي في الأساس فينيقية وأن حجم القلعة الحقيقي أسفل أرضها”.

ولفت إلى أن الكادر التنظيمي المدرب والمحترف لدى الجمعية اتبع نظام الفرق في أثناء قيام المتطوعين بقفزة الثقة والنزول من منحدرات شاهقة حول القلعة بعد تجهيز كل المتطوعين بمعدات خاصة ومتطورة وإعطائهم معلومات عامة حول سلامة المتطوعين أثناء المسير.

وما يميز الرحلة حفلة السمر التي سبقت موعد القيام بالمسير حيث أقيمت سهرة حول حفرة النار وتمت إنارة القلعة بنحو 150 شمعة أعادت الحياة إلى تلك الأيقونة وقدمت فيها مسرحيات كوميدية ناقدة للجمعية تم عرضها على المتطوعين على أضواء الشموع وبإعداد متميز وسينوغرافيا رائعة لمسرح تم بث الروح فيه من خلال ضحكات وأنفاس المتطوعين المتشوقة للمغامرة والاستكشاف.

وقام بعض المتطوعين بتنفيذ مسير ليلي تم من خلاله التزود بالمياه من أقرب محطة للمياه في الناحية وفي طريق العودة جلس المتطوعون والكادر التنظيمي المرافق لهم على سفح الجبل لاجراء رصد فلكي لبعض النجوم مع تعريف المتطوعين بالنجوم وأسمائها وكيفية الاستهداء بها للاتجاهات في الليالي الظلماء.

واوضح نويلاتي أن المسير الذي يبلغ طوله الفعلي 5 كلم حقق أهدافه وأولها التعريف بمعلم أثري مهم وغني لحقبة مهمة مرت بها هذه المنطقة وثانيها استكشاف الغابة العذراء على سفح الجبل الذي تتربع عليه القلعة من خلال القيام بإنزال جبلي وفتح طرق على السفح بالإضافة إلى اختبار قدرة المتطوعين ورفع القدرة عندهم بالدخول إلى الغابات ذات الطبيعة القاسية لافتا إلى أن المسير كان من الدرجة الرابعة صعب على سلم درجات الصعوبة الخاص بنشاطات الجمعية المؤلف من ست درجات والمتطوعين حققوا غايتهم باستكشاف البراري العذراء واكتساب مهارات في الانزال الجبلي.

بدورها أشارت ولادة خربوطلي إلى وجود تحديات ممتعة في المسير استطاع المتطوعون اجتيازها بروحهم العالية وإصرارهم على متابعة الطريق وتضيف “استمتعنا بمشاهدة الطبيعة الخضراء والجبال المحيطة التي أضفت طابعا روحانيا على المسير خاصة في فترات الراحة فكان لنا قسط من التأمل بجمال وروعة الطبيعة السورية وكان هبوط المنحدرات قاسيا للوصول إلى مجرى النهر وتطلب كادرا كفوءا لمساعدة المتطوعين لبلوغ المنحدر بأمان ودون إصابات واضطرت بعض الفرق لاستعمال الحبال للوصول بسبب وعورة الطريق والبعض الآخر استعمل تقنية القطار البشري دون حبال للانحدار واستمرار النزول للأسفل”.3

وتؤكد ولادة أن عدد المشاركين كان كبيرا جدا رغم معرفة المتطوعين بمدى صعوبة المسير وعلى الرغم من ذلك أرادوا المشاركة بهذه المغامرة الممتعة التي تميزت بالتحضير العالي والاجتماعات المتكررة مع المتطوعين وتوعيتهم في كافة المجالات وخاصة الصحية.

ويقول طوني شلوي أحد المشاركين لاول مرة في المسير مع الجمعية إنه يتطلع للمشاركة في كل المشاريع القادمة للجمعية معتبرا أن مسير قلعة الكهف كان ناجحا تعرف خلاله على مناطق مجهولة بالنسبة له في سورية.

يشار إلى أن الجمعية السورية للاستكشاف والتوثيق جمعية ذات طابع استكشافي تآسست عام 2008 ومقرها في دمشق وتهدف إلى استكشاف وتوثيق الطبيعة السورية وإتاحة الفرصة للشباب لاختبارها عن قرب وتعلم كيفية التأقلم معها عبر تدريب الكوادر الشبابية المتطوعة وتزويدها بالمعدات الضرورية لإنشاء بعثات استكشاف وتوثيق وطنية متخصصة مع إقامة الندوات التدريبية المتخصصة في أساليب الاعتناء بالصحة والبيئة والإسعاف الأولي إضافة إلى النهوض بالفكر الشبابي إلى مرحلة الثقة والاعتزاز والفخر بالوطن من خلال التعرف على المناطق الطبيعية والتاريخية الهامة في سورية التي لم يتم استكشافها وجعل زيارتهافي أولوية اهتماماتهم.