الشريط الإخباري

النقد في العصر الراهن بين العودة للماضي والتركيز على الإيجابيات

دمشق-سانا

أرخى غياب أسماء كبيرة عن عالم النقد بظلاله ليأخذ شكلاً آخر منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي وبعد وفاة نقاد أمثال مارون عبود وابراهيم عبد القادر المازني وعباس محمود العقاد وأمثالهم صار الأدب موزعا بين حالتي الحداثة المغرقة والحداثة التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة.

ورغم وجود كوكبة من النقاد درست النقد بشكل بنيوي إلا أن هؤلاء اقتصروا على استخدام مقدراتهم في استنباط واستنتاج النقاط المضيئة في النص دون الذهاب إلى السلبيات فكان كتاب “حارس الحبق” الذي يتضمن تجليات خطاب العشق في شعر توفيق أحمد للدكتور هايل الطالب كتاباً نقدياً له منهجه التطبيقي الذي اقتصر على تقصي الإيجابيات وعدم التطرق إلى أفكار وآراء أخرى رغم أن أدب توفيق أحمد يمتلك الأجناس الشعرية الثلاثة .. الشطرين والتفعيلة والنثر .

وفي الوقت الذي يفكر فيه الناقد أن ينحى إلى قراءة تطبيقية تفكيكية فإنه يتعمد ترك نتاج الكتاب المعاصرين ويذهب إلى نقد شعراء وأدباء القرون السالفة كما فعل الدكتور رحيم هادي الشرفي في كتابه “أبو فراس الحمداني شاعر السلام والحرب” الذي اتجه في شعابه النقدية إلى نقاط متعددة في شعر فارس بني حمدان معتبراً أن هذا النوع من الشعر هو الفيصل.

كما نشهد قراءات نقدية لافتة اقتصرت أيضاً على نقد العصر الجاهلي الذي تبناه نقاد كبار في تاريخ العرب كابن سلام وابن قتيبة ومحمد مندور وعز الدين اسماعيل وغيرهم .. كما فعل الدكتور فضل مكوع في كتابه “نقد النص الأدبي وقضاياه في العصر الجاهلي” الصادر عن دار رسلان وكذلك فعلت الدكتورة سمر الديوب في كتابها “النص العابر” الصادر عن اتحاد الكتاب العرب وغيثاء قادرة في كتابها “لغة الجسد في أشعار الصعاليك” الصادر أيضاً عن اتحاد كتاب العرب .

وفي الأدب الغربي والأجنبي عموما ورغم محاولات المترجمين الجادة في البحث عن نقاد حقيقيين نجد أن كتاب “الواقعية النقدية في الأدب” لمؤلفه بيتروف الذي ترجمه الدكتور شوكت يوسف اقتصر أيضاً على شرح تفصيلي لكيفية تعاطي الكتاب مع الأدب في عصر النهضة ونظرية تأثر الكاتب بما يحيط به وكيفية تعاطي النقاد مع الأدب بالرغم من تناوله عناوين بنيوية كمسألة الشكل الفني والقضايا الفنية والأسلوبية في الأدب .

وكذلك فعل سمر روحي الفيصل في كتابه “أسلوب الرواية العربية” الذي تناول عناوين وأسماء دون أن يتطرق إلى تفكيك نص أدبي بعينه رغم حضوره الوافر على الساحة الثقافية والأدبية .

ولجأ كتاب آخرون إلى طباعة واعتماد شعراء في العصور القديمة كديواني عروة بن خزام الذي حققه أحمد عكيدي وبكر التاهرتي الذي حققه الدكتور علي الكردي وهما كتابان يقتصران على توضيح بعض الملامح الغامضة في نصوص هؤلاء الشعراء دون دراستها نقديا.

والأمر عينه يظهر في تعامل الصحف والدوريات مع الكتب الصادرة حديثا حيث يهيمن العرض والشرح والتلميح دون العمل على منهج نقدي معين من شأنه أن يقدم الفائدة للمؤلف والقراء.

محمد خالد الخضر

انظر ايضاً

هايل الطالب: النقد الحقيقي يكشف مضمرات النص ويفكك جمالياته

دمشق-سانا الدكتور هايل الطالب ناقد بطبيعة متفردة له خصوصية ومفاهيم خاصة بالنقد وبالأجناس الأدبية من …