الناقد أحمد هلال: هناك إبداع على الساحة الأدبية ولا يوجد نقد

دمشق-سانا

لم يكن ببال الكاتب أحمد هلال أن نهمه اللامتناهي إلى المطالعة وعمله في التدقيق اللغوي وتحرير الأخبار وعلاقته مع كبار المثقفين السوريين والفلسطينيين والعرب سوف يفضي به إلى احتراف النقد الأدبي بأنواعه من الشعر والقصة والرواية وإلى التسلح بالقلم تصديا لمدعي الأدب ودفاعا عن المبدعين الحقيقيين.

والناقد الأدبي عند هلال كما يبين خلال حديث لـ سانا الثقافية “مبدع آخر” وهو الشريك الفعلي لإنتاج النص كونه يأتي من مرجعية معرفية وثقافية مؤسسة بمعنى الخبرة الجمالية والذائقة والمعرفة العلمية فضلا عما تتيحه رؤيته لأن يكتشف النص من حقيقته الاجتماعية والتاريخية والثقافية.

ويحمل الناقد عند هلال وظيفة أخرى هي “التوسط” بين المبدع والقارئ من دون أن يكون وسيطا محايدا بل وسيط معرفي يسبر النصوص الإبداعية ليعطي “قيمتها المضافة” وأين شكلت علامتها الفارقة وماذا أضافت لمنجز المبدع ذاته قبل أن تضيف للمشهد الثقافي بشكل عام.

ولكن هلال يعتبر أن كثيرين من النقاد يجنحون خلال تعاملهم مع النصوص الأدبية إلى إنتاج معرفة “غير منهجية” بسبب افتقادهم للغنى الثقافي والركائز التي تمكنهم من مقاربة النصوص وتأويلها للقارئ ما يؤدي إلى ضعف الناقد وانكفائه عن ممارسة الفعل الثقافي ليذهب إلى الذاتية والشخصنة ولينتج نصوصا نقدية لا “لغة نقدية”.

ولا يجد الناقد مبالغة عندما يتحدث عن وجود مبدعين حقيقيين على الساحة الأدبية يقدمون نصوصا لافتة في الشعر والأدب وسط غياب للنقد الحقيقي الذي يعطي كل ذي حق حقه بعيدا عن الإسفاف والتجني والعلاقة الشخصية.

ورغم ما جره عليه موقفه من الشعر والشعراء فإنه يكرر مقالته بأن أكثر ما يظهر بمثابة “سياحة عابرة” و”بوح إنشائي فارغ” لأن الملفوظ فيه على أنه شعر هو عبارة عن كلمات لا رابط بينها سوى أنها عبارة عن هيول من الأشكال تحت مسميات الإبداع لا تعكس ثقافة النص وصاحبه ولا ترتبط بثوابت الإبداع ومتغيراته.

ويصف ما يدور حول قصيدة النثر بالإشكالية الثقافية لاستسهال كثيرين كتابتها دون معرفتهم بأن قواعدها التي ارتبطت بما أنجزته مجلة شعر في الخمسينيات والأربعينيات من القرن الماضي انفتحت على فضاء مغاير لا علاقة للثقافة العربية به بالرغم من اعتقاد البعض أنها كانت في تراثنا العربي بصيغة مختلفة نظرا لما ذهب إليه الجرجاني والأمدي وحازم القرطاجني في تفصيلهم للنثر وبلاغته.

ويزيد هلال على ما سبق بأن النثر عندما يرتقي يقترب من الشعر ولا يمكن أن يسمى شعرا لافتا الى أن كتاب قصيدة النثر اليوم انفصلوا عن ماضي القصيدة العربية في أوزانها وموسيقاها ليستبدلوا ذلك بما يسميه النقاد إيقاع المعنى والدلالة والرؤية حتى أن بعضهم وضع كتابا سماه شيخوخة الخليل ويعني الخليل بن أحمد واضع علم العروض.

ويحذر من خطورة استمرار اغتراب الثقافة العربية وخروجها من هويتها ما سيؤدي لاحقا إلى موت المبدع وتحولنا إلى مقلدين ما سيعني موت القارئ والناقد وصولا إلى “موت الثقافة”.

وختم هلال قائلا على الناقد أن يستعيد دوره كمثقف حقيقي ليكون “الرافعة الحقة” للإبداع المنشود بالرغم من ضبابية اللوحة الثقافية وكثافة تناقضاتها حتى يعاد الاعتبار لتقاليد إبداعية ونقدية لطالما افتقدناها في زحمة المتغيرات وشظايا التفجر المعرفي وآثاره المختلفة.

يذكر أن الناقد أحمد هلال عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين يشتغل على النقد الأدبي وفق رؤية أكثر انفتاحا مع النص وقضاياه بوصفه تجليا ثقافيا وليس إبداعا لغويا فحسب.

محمد الخضر-ميس العاني

انظر ايضاً

ثقافي كفر سوسة يستضيف ندوة حول الرؤية الشعرية في قصائد محمد سعيد العتيق

دمشق-سانا الأسلوب الشعري ودلالات القصيدة عند نتاجات الشاعر الطبيب محمد سعيد العتيق محاور تضمنتها الندوة …