(الفرواتية).. مهنة الشتاء

حماة-سانا

تنشط الحركة خلال هذه الفترة من العام في سوق الفرواتية بحماة الذي يتنافس فيه الحرفيون على تلبية أذواق الزبائن من الفروات المصنوعة من جلود صوف الغنم والجوخ المعروف شعبيا باسم السلكه لمواجهة برد الشتاء.

وإضافة لسوق الفرواتية تنتشر محلات وحرفيو هذه المهنة التقليدية في السوق الحاضر الكبير والمهن التقليدية وخان الحنة حسب الحاج مصطفى الزوزه الذي يعتبر شيخ كار هذه المهنة في سوق الحاضر الذي أوضح لنشرة سانا سياحة ومجتمع أن مهنة تصنيع فراء صوف الأغنام في حماة تعود إلى عصور قديمة جدا حيث اشتهر الكثير من صناعها وحرفييها في تصميم وإنتاج العديد من أنواع الفراء التي تقي من يرتديها برد الشتاء القارس وتمنحهم هيبة وذلك حسب صنف وجودة الصوف المستخدم في تصنيع هذه الفروات التي يتراوح سعر الواحدة منها حالياً بين 20 و150 ألف ليرة سورية.‏

ورغم تراجع مهنة الفراء العريقة في حماة أسوة بالكثير من المهن التقليدية الأخرى خلال العقدين الأخيرين ما تزال تحتفظ بمكانة لها في الأوساط الاجتماعية في مختلف أنحاء المحافظة ولا سيما لدى سكان البادية الذين تجبرهم ظروف بيئتهم القاسية على اقتناء منتجاتها التي تعتمد على صوف الغنم أساسا في تصنيعها لما يوفره من دفء ليس بمقدور أي فرو صناعي منافسته.

وعزا الزوزه التباين الكبير في سعر الفروات الصوفية لعدة أسباب تتمثل في نعومة صوفها وعمر الغنم الذي استخدم جلده في تصنيع الفراء إضافة إلى جودة صناعة هذه القطعة.

وعن مراحل تصنيع الفراء أوضح الحرفيان أحمد وحسن الحمصي أن عملية التصنيع تبدأ بعملية تنظيف الجلد من دم ودهن الخروف ونقعه بالملح وتعريضه لأشعة الشمس وإراحته مدة شهر بعدها يتم نقعه بالماء وغسله بمساحيق التنظيف ووضع الملح ومادة الشبه مرة أخرى على الجلد بما يتيح المجال لتعقيمه ومعالجته بشكل كامل ودقيق.

وبعد تركه مدة شهر يقوم الحرفي بتقشيره وتليينه بواسطة آلة كهربائية أو يدويا من خلال ربط الجلد بحبل يسمى “الدنق” ثم يصبح جاهزاً للتفصيل حسب الزي المراد تصميمه بالاعتماد على قماش جوخ يسمى “سلكه”.

وأشار الحرفيان إلى أن عملية تفصيل الفروة وتزيينها بالنقوش ولا سيما عند الأكمام ومنطقة الصدر تحتاج مهارة كبيرة وهنا تبرز خبرة الحرفي وتميزه.

للفروات أنواع تختلف من حيث الوزن والطول والصوف المستخدم في تصنيعها وذكر الحرفي عادل زمزم المتخصص بخياطة وتبطين فروات الصوف أن الفروات منها العادية بطول نحو 120 سم وعرضها يصل إلى 220 سم ويعتمد في تصنيعها على الأصواف الطويلة والبكدلية وهي شبيهة بالنوع السابق لكنها أخف وزنا وأكثر نعومة لاستعمال فراء صغيرة في تصنيعها كما أنها تتطلب وقتا أطول ودقة أعلى في تصميمها ولون الصوف المفضل فيها الأبيض ثم يليه اللون الأسود.

ومن أنواع الفروات أيضا الجداعية وهي خاصة بالأولاد حيث لا يتجاوز طولها المتر والأبطية النسائية التي تمتد حتى منطقة الزند من اليد وتغطي الجسم حتى الركبة لتأمين مرونة وسهولة الحركة بما يتلاءم مع العمل المنزلي والصدرية كان يلبسها الرجال وهي على نمط السترات الرجالية الحديثة حالياً المصنوعة من الصوف الصناعي.‏

ووصف محمد زنزول أحد الزبائن الفروة الصوفية بأنها صديق وفي لا يفارقه في فصل الشتاء كونها تعد أفضل وأجود ما يمكن ارتداوءه للوقاية من البرد
القاسي فضلا عن أنها تمنح من يرتديها هيبة وحلة بهية .

وتأثرت مهنة الفراء في حماة سلباً مع ضعف الإقبال على منتجاتها نتيجة أسعارها الباهظة مقارنة بالمنتج الصناعي ما أدى إلى انخفاض كبير في عدد الحرفيين العاملين فيها والذين لا يزيد عددهم حالياً على 20 شخصاً في الوقت الذي كان يزيد فيه عددهم على 1000 فرواتي منذ ثلاثة عقود.

في المقابل نوه مرهف ارحيم الباحث في التراث الحموي بأهمية الفروة التي تعتبر جزءا من الذاكرة الشعبية لأهالي المدينة حتى وقتنا الحاضرما يستدعى الحفاظ على هذه المهنة والعمل على إحيائها باعتبارها تشكل أحد رموز التراث الحموي الأصيل موضحا أن المحافظة تستأثر بمناطق واسعة من البادية التي تنتشر فيها تربية الأغنام على نطاق كبير ما يؤمن الصوف الذي يشكل المادة الأساسية لهذه المهنة العريقة فضلاً عن أن البادية التي تشتهر بطبيعتها ومناخها القاسي تمثل أيضاً سوقاً رائجة لفروات صوف الغنم التي يجد فيها ساكنوها الدفء والوقاية من قر الشتاء.

عبدالله الشيخ

 

انظر ايضاً

عائلة فرواتي تحافظ على مهنتها في حلب- فيديو

حلب-سانا آثر أبو صالح فرواتي الذي حمل كنيته من المهنة التي يعمل بها وتعلمها من …