مطلوب مراجعة .. لكي يعود العراق معافى!- الوطن العمانية

لا تزال التجارب المريرة تتوالى على المنطقة تاركة دروسا واضحة المعالم، ولم تكد تمضي تجربة على المنطقة بكل ما تحمله من مرارات خلفت دروسا تحتاج إلى أجيال لاستيعابها، حتى تتلوها تجربة أخرى. فقد عانت منطقتنا من سلسلة من الحروب التي أنهكت إمكاناتها المادية والبشرية، وكلما تعافت منطقتنا يكون أعداؤها قد حاكوا لها ورطة جديدة لتهوي فيها من جديد.
ويبدو ذلك من خلال الممارسات والتدخلات في الشأن الداخلي لدول المنطقة لشغلها عن التنمية والنهوض الحضاري، مستغلين في ذلك بعض التناقضات وتعارض المصالح الذي قد ينشأ ويخبو في كافة مناطق العالم، لكنه يتفاعل على أرض المنطقة ليتحول إلى حرب ضروس تأتي على الأخضر واليابس.
وتتبدى تلك الممارسات والتدخلات في صورة واضحة من خلال التحريض بين مكونات المجتمع الواحد داخل الدولة الواحدة بهدف ضرب استقرارها باستهداف نسيجها الاجتماعي من مدخل زرع الفتن بين أتباع الطوائف والعرقيات والمذاهب، وإسناد ذلك بتجنيد جماعات إرهابية منزوعة العقل والفكر. ويمكن تأريخ بروز هذه الظاهرة في العراق أثناء فترة خضوعه للاحتلال الأنجلو ـ أميركي، ثم لتبرز فيما بعد على نحو أكثر وضوحا خلال تفجر مؤامرة ما سمي “الربيع العربي”، ولتضاف بذلك إلى أعباء الصراعات التقليدية والمؤامرات التي دأب على حبك خيوطها كيان الاحتلال الإسرائيلي بالتعاون مع حلفائه.
اليوم يتم استنزاف العراق وسورية وغيرهما من دول المنطقة ومحاولة إخراجها من ركب الحضارة المعاصرة والنفخ في أبواق الفتن والفوضى والإرهاب، من مدخل مساعدة شعوبها لتحقيق تطلعاتها ومنع الحكومات من التفرد بالقرار وغير ذلك من الذرائع. وما يحسب لسورية أنها لا تزال تواصل مسيرة النجاح في صد محاولات التدخل في شأنها الداخلي بتحصين الداخل من خلال الحزم في مكافحة الإرهاب وتدمير بؤره وملاحقة فلوله وعصاباته، وحزم الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي بتعديل الدستور ومراسيم العفو التي يصدرها الرئيس السوري بشار الأسد بين الحين والآخر ليقينه أن هناك من الشباب السوري من وقع ضحية خداع وتغرير وتزييف للوعي والحاجة الماسة إلى مساعدته، وكذلك الاعتراف بالمعارضة السورية الوطنية وبحقوقها وبدعوتها إلى المشاركة في تشكيل الحكومة وبناء سورية الشامخة الموحدة، ورفض سياسة الإقصاء والتهميش إلا لمن تنكر لوطنه وتآمر عليه، وهذا بدوره انعكس بصورة إيجابية وملحوظة في نجاح المصالحات التي قضت على البيئة الحاضنة للإرهاب، واستفاقة المغرر بهم من الشباب بأن ما يحصل هو إرهاب هدفه تدمير سورية.
ولذلك فإن العراق في إطار ما يتعرض له من تدخلات خارجية وتفاعلات داخلية من بعض المكونات العراقية مع تلك التدخلات، بحاجة إلى الاستفادة من التجربة السورية، من حيث إعادة النظر في الدستور وتعديل مواده، والتخلي عن سياسة الإقصاء والتهميش، وإلغاء قوانين الاجتثاث، وإجراء مصالحة وطنية حقيقية تضع مصلحة العراق ووحدته واستقراره فوق كل مصلحة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، والتوزيع العادل للثروات وتطبيق مبدأ العدالة والمساواة، الأمر الذي سيضع حدّا للتدخلات الخارجية ويقضي على الإرهاب وبؤره وحاضناته، فهذا هو السبيل لأن يعود العراق معافى سليما مستقرّا آمنا.
رأي الوطن

انظر ايضاً

الوطن العمانية: عودة سورية إلى الجامعة العربية تعيد الدور العربي لمكانته الصحيحة

مسقط-سانا أكدت صحيفة الوطن العمانية في افتتاحيتها اليوم أن العودة السورية إلى الجامعة العربية تمثل …