مخاطر التطبيع في الجمعية العامة-بقلم عبد الرحيم أحمد

مسار التطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي يشكل ضربة قاسية لمشاعر ملايين الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين والعرب الذين تعرضوا على مدى عقود للتشريد والظلم والقهر والتنكيل والقتل على يد مجرمي الحرب في الكيان الاحتلالي الذي جثم على أرض فلسطين وفي الجولان بعد أن شرد أهل الدار، ويشجع العدو على التمادي والاستمرار.

ورغم أن الأنظمة العربية المطبّعة تحاول التطبيل لهذا المسار بأنه يخدم مصالح الشعب الفلسطيني المقهور ويحافظ على حقوقه المهدورة ويمنع الاحتلال من التمادي في سرقة الأرض وتهجير السكان، لكنه في الحقيقة يشكل الخطر الأكبر على مستقبل القضية الفلسطينية ويقدم دعماً خبيثاً لمحاولات كيان الاحتلال طمس حقوق الشعب الفلسطيني المعترف بها دولياً.

فمن يتابع التصويت السنوي في الجمعية العامة للأمم المتحدة على القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية والجولان السوري المحتل سوف يلاحظ أثر هذا التطبيع على سلوك الدول الأجنبية التي كانت إلى وقت قريب جداً من المصوتين لصالح القرارات التي تدين انتهاكات سلطات الاحتلال في فلسطين وتؤكد حقوق الشعب الفلسطيني وحق سورية في الجولان المحتل.

صحيح أن تراجع عدد الدول التي صوتت لصالح القرارات التي تدعم حقوق الشعب الفلسطيني في الجمعية العامة مؤخراً ليس كبيراً لكنه مؤشر على أن خطوات التطبيع المجانية التي قامت بها بعض الأنظمة العربية هي المسؤول الأول عن تغيير بعض الدول مواقفها من داعم للقضية الفلسطينية إلى ممتنع عن الدعم أو داعم لسلطات الاحتلال.. فالدول الأجنبية التي ترى الأنظمة العربية التي يفترض أنها المدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني تسارع الخطى للتطبيع مع المحتل ستعيد النظر في مواقفها بلا شك.

ومع كل إعلانٍ عن تطبيعٍ من نظام عربي مع كيان الاحتلال الإسرائيلي سوف تفقد القضية الفلسطينية ومعها الشعب الفلسطيني دعماً دولياً في المنظمات الدولية، وهذه مسؤولية تتحملها الأنظمة المطبعة أمام شعوبها وأمام الشعب الفلسطيني وأمام التاريخ.

فكيان الاحتلال الذي يجهد منذ عقود لتغيير مضمون القرارات الدولية التي تتبناها الجمعية العامة للأمم المتحدة كل عام لصالح الشعب الفلسطيني، ويكابد لتغيير مواقف الدول من تلك القرارات، يجني اليوم ثمار التطبيع ويحصي سنوياً عدد الدول التي تراجعت عن دعم حقوق الشعب الفلسطيني في المنظمات الدولية.

لذلك نقول للمطبعين المهرولين ..أهدافكم مفضوحة ومكشوفة مهما حاولتم تجميل قبح تطبيعكم، فمع كل إعلانٍ عن تطبيعٍ مع كيان الاحتلال تخسر القضية الفلسطينية ومعها الشعب الفلسطيني حقاً من حقوقه المشروعة المعترف بها دولياً، ولا شك أن سلطات الاحتلال تعد العدة وتراقب كيف سيكون التصويت في المنظمة الدولية في الأعوام المقبلة مع تهافت المزيد من الأنظمة العربية على التطبيع.

انظر ايضاً

نقل الحرب إلى داخل روسيا لمصلحة من؟… بقلم: عبد الرحيم أحمد

لم تكن المحاولة الأوكرانية استهداف مبنى الكرملين بطائرات مسيرة مطلع شهر أيار الجاري محاولة جديّة