كنيسة أم الزنار الأثرية.. شاهد على همجية الإرهابيين وعبثهم بحضارة عمرها آلاف السنين

حمص-سانا
في حمص القديمة وفي حي بستان الديوان الذي نفض عنه رجس الإرهاب مؤخرا تقع كنيسة أم الزنار الأثرية التي تعتبر أحد معالم المدينة القديمة التي ذاع سيطها عبر السنين بحيث لا يمكن لمن يزور حمص إلا ان يعرج عليها لينهل من حجارتها السوداء القديمة طهر القداسة ويستنشق عبق تراث وتاريخ يعود لآلاف السنين.

ويقول السيد  توفيق توماني أحد سكان حي بستان الديوان ان الكنيسة كانت تعني لهم الكثير فهي اضافة الى قدسيتها لكونها دارا للعبادة وتحمل اسم السيدة مريم العذراء لها قيمة حضارية وأثرية بحد ذاتها لكل أهالي حمص لان حجارتها السوداء وقناطرها وطريقة بنائها اشعرت أهل الحي جميعهم بكافة طوائفهم بالطمأنينة
على اعتبار أن التاريخ يتعانق بالحاضر ويتجسد على حجارتها القديمة وصوت أجراسها يشعرهم بغبطة الصلاة والتقرب من الله في جوار التاريخ.

ويضيف  توماني أن منظر الخراب والدمار والحرق وأعمال النهب والسرقة الذي لحق بالكنيسة من جراء الممارسات التي قامت بها المجموعات الارهابية المسلحة التي اعتقدت بفكرها الضلالي أنها ستمحو تاريخنا وحضارتنا تقشعر منه الأبدان إلا أن أهالي الحي وبمساعدة بعض الجمعيات بدؤوا بتنظيف الكنيسة ومحاولة اعادة بعض المعالم اليها مع المعنيين من أجل إعادة ترميمها.

وحول سبب تسمية الكنيسة يقول توماني  إن “الكنيسة أخذت اسمها من زنار السيدة مريم العذراء الشريف الذي عثر عليه موضوعا ضمن وعاء مائدة التقديس في مذبح الكنيسة وذلك عند تجديد الكنيسة عام 1852 م”.

ويضيف  توماني  أن الوعاء الذي وضع فيه الزنار مصنوع من الحجر البركاني  البازلتي وهو على شكل تاج عمود ارتفاعه 12سم وطول ضلع سطحه العلوي 24سم وطول ضلع قاعدته 29 سم ويوجد في منتصف ضلع سطحه العلوي قرص نحاسي قطره 15 سم مزين بدائرة متحدة المركز وهو يغطي حفرة بيضوية قطرها العلوي 16سم ويعود الجرن والقرص النحاسي إلى العهد البيزنطي الروماني.

ويتابع  توماني أنه عثر ايضا في المائدة المقدسة على رقيم حجري كتب عليه باللغة الكرشونية – اللغة السريانية مكتوبة بلغة عربية وهو يوثق تاريخ الكنيسة إلى عام 59 م.

كما عثر على مخطوطات تتألف من 46 رسالة مدونة بالكرشونية والعربية  تعود إلى عام 1852م وهو تاريخ تجديد الكنيسة والرسائل موجهة من أهالي أبرشية حمص إلى أبناء أبرشية ماردين الواقعة على الحدود الشمالية السورية.

ويشير  توماني الى ان الدراسات التاريخية ترجح ان يكون الزنار موضوعا منذ زمن بعيد نظرا لتفتت الغطاء النحاسي الذي كان يغطي الجرن الموضوع ضمنه الزنار عند محاولة رفعه لتجديد الكنيسة اضافة الى تعرض أطراف الزنار نفسه الى القليل من التلف بسبب قدمه.

وحول وصف الزنار يقول  توماني إن طوله 74 سم وعرضه 5 سم وسماكته 2ملم ولونه بيج فاتح مصنوع من خيوط صوفية طولانية في الداخل ونسجت عليه خيوط حريرية من الذهب.

وفيما يتعلق بوصف الكنيسة الأثرية يقول  توماني إنه يوجد تحت حجارة الكنيسة السوداء الكنيسة الأثرية القديمة التي تعود الى القرن الأول الميلادي وهي أشبه بقبو تحت الأرض كان المسيحيون يصلون فيه سرا خوفا من الحكم الروماني حينها.

أما الكنيسة المرممة التي بنيت فوقها فهي مبنية من الحجر الأسود الذي يعد أحد معالم حمص القديمة حيث بني منه البيوت القديمة ومسجد خالد بن الوليد وسور حمص الذي لايزال موجودا حتى اليوم بحسب  توماني.

الجدير بالذكر أن كنيسة أم الزنار الحالية مقامة على ستة عشر عامودا ضخما منها ثمانية أعمدة وسط الكنيسة والباقي ضمن جدرانها وفي وسطها قبة نصف اسطوانية مزخرفة كما تزين جدرانها الحجرية ايقونات قديمة وحديثة للسيدة مريم العذراء.

ويأمل أهل حمص عودة الكنيسة الى تألقها ونبضها الحضاري الذي لن يخفت مهما حاول الإرهابيون العبث بها وبغيرها من المعالم الحضارية والدينية المقدسة في سورية.

مي عثمان