الجولانيون أسطورة شعب وأرض

يسطر أهلنا في الجولان العربي السوري المحتل أسطورة المقاومة بجميع أشكالها رغم كل ما بذلته «إسرائيل» لفصل الجولان عن الوطن الأم في أعقاب نكسة حزيران عام 1967، لكن القرار الأخطر والأكثر عنصرية والأكثر تجاوزاً لقرارات مجلس الأمن، كان قرار حكومة الكيان الصهيوني بضم الجولان في عام 1982، وفرض الهوية الإسرائيلية على السكان الذين تمسكوا بأرضهم ولم ينزحوا عن بلدات مجدل شمس والغجر وبقعاثا ومسعدة، وفور صدور القرار الإسرائيلي شهد الجولان غلياناً شعبياً وتحدى الجولانيون بصدورهم العارية قوات الاحتلال، ورفضوا رفضاً قاطعاً قبول الهوية الإسرائيلية أو التخلي عن الهوية السورية.. حيث أسس ذلك الغليان ومنذ عام 1982 وحتى هذا التاريخ أروع المعاني الوطنية والإنسانية، فالأعلام السورية ما زالت تخفق فوق بيوتهم ومدارسهم ومشافيهم وبلدياتهم، أما إذا دخلت إلى أي بيت في تلك البلدات الأبية فإن أول ما يطالعك صورة القائد الخالد حافظ الأسد وصور السيد الرئيس بشار الأسد، وكذلك العلم الوطني.

أما الذين اضطرتهم ظروف الاحتلال إلى النزوح عن الجولان للدراسة أو الاستشفاء أو الإقامة فإن ارتباطهم بأرضهم وحلمهم بالعودة والعمل من أجلها يدفعهم إلى تعزيز كل الروابط العائلية والإنسانية، حيث نشهد سنوياً صبايا ولدن في دمشق أو غيرها من المدن التي نزح إليها أهاليهن يفضلن الارتباط بشباب تمسكوا بأرضهم في البلدات المحتلة.

هذا الشعور الوطني والقومي والإنساني الذي حافظ عليه أهلنا في الجولان رغم كل أساليب الترهيب والترغيب الإسرائيلية يتقاطع مع شعور أي سوري بأن احتلال «إسرائيل» لهذه البقعة الغالية من أرضنا هو وضع مؤقت، ولا بد من عودته إلى حضن الوطن سلماً أو حرباً.. وفي السياق ذاته يمكن أن نقرأ العمليات العسكرية الواسعة التي ينفذها الجيش العربي السوري منذ أيام على امتداد المنطقة المحاذية للأراضي العربية المحتلة في محافظات ريف دمشق والقنيطرة ودرعا، تلك العمليات التي استطاع بواسلنا أن يحققوا فيها دحراً واسعاً للإرهابيين الذين وجدوا في بعض المناطق بدعم مباشر من «إسرائيل»، لكن الأهم في هذا السياق أن أمريكا و«إسرائيل» وكل محور التآمر على الشعب السوري قد أصيب بنكسة حقيقية بالتقدم السريع للجيش العربي السوري لأن مشروعهم بإقامة «شريط عازل» على غرار ما فعله سعد حداد في جنوب لبنان تم اقتلاعه من الجذور وباتت بقايا إرهابيي «النصرة» وغيرها من التنظيمات الإرهابية التكفيرية تواجه اليوم مصيرها المحتوم الذي ينحصر في خيارين: إما الموت على أيدي أبطالنا في الجيش العربي السوري أو الهرب والعودة من حيث أتوا.

الجولان في قلوب الجولانيين سواء من بقي منهم في البلدات المحتلة أم من نزح منها، يشاركهم في هذا الشعور أبناء الشعب السوري ولن يدخروا جهداً أو دماً كي يعود الجولان إلى أحضان الوطن، ويستنشق أبناؤه هواء غير ملوث بجراثيم الاحتلال.

بقلم: محي الدين المحمد