الاحتمالات المفتوحة

تعرض وزارة الخارجية الإسرائيلية في موقعها الرسمي على الشبكة العنكبوتية نظرة «إسرائيل» لما تسميه «الأهمية الاستراتيجية لهضبة الجولان»، وتتجسد تلك الأهمية حسب تعبيرها بأسباب منها: «توفر حدوداً تحمي إسرائيل من غزو بري- يُمكن إصابة أهداف في شمال إسرائيل بأسرها بنيران المدفعية من هضبة الجولان».

طبعاً لا مشروعية في تفهّم أسباب العدو بل يجب تذكيره بـ«أسبابه الواهية» لأنّ التطوّر العسكري المعاصر وأسلحة المدفعية والصواريخ لا تعوقها هضبة ولا تلال، بدليل أنّ الحالة الجغرافية في الجولان وتحصينات خط آلون ووجود القوات الإسرائيلية في التلال لم تمنع حدوث حرب تشرين المجيدة، بل إنّ الجولان شهد خلالها معركة دبابات صنّفها الراحل حافظ الأسد، القائد المؤسس وبطل تشرين، في أحد كلماته بأنّها أضخم معركة دبابات في التاريخ من حيث الكثافة والشدّة.
كما أنّ الجغرافيا لا تؤمّن حصانة لاحتلال من غزوه بإرادة تحرير عندما تتوافر لها مستلزماتها ومتطلباتها وظروفها.

ولدى معاينة التعامل السوري مع «قضية احتلال الجولان» يمكن تبويب ذلك التعامل ضمن حرب مديدة من الصراع البارد والصراع السّاخن، ضمنها:1- حرب تشرين كمعركة تحرير استعادت قسماً من الأرض «القنيطرة». 2- معركة تعليق الصراع استمرّت من 1974 وحتى الأسبوع الماضي ترافقت مع بقاء وثائق الأمم المتحدة مؤيدة لهوية الجولان إذ تسميه «الجولان السوري المحتل». 3- معركة الاحتمالات المفتوحة التي يمكن أن نعدّ بدايتها منذ أيام، ومهما كانت الأهداف منها والنتائج فإنّها ضمن استراتيجية سوريّة تصبّ على المدى البعيد في جهود استعادة الجولان، وعلى المدى القريب عودة الأمور في الجولان ما أمكن إلى ما كانت عليه قبل قيام «جبهة النصرة» وتنظيمات مشابهة بالسيطرة على مساحات وتلال حساسة في أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا بهدف من الاحتلال هو «تثبيت» ذراع إسرائيلية متقدمة في خاصرة دمشق.

الكلمة الفصل حالياً للواقع الميداني وما سيصنعه التكتيك من ملامح معركة الجولان الكبرى والتي مهما طال انتظارها فلا بد من التسليم بحتميتها في ضوء أنّ الإجراءات الإسرائيلية سابقاً وحالياً وفي خطط مستقبلية لا تراعي أنّ احتلال الجولان مؤقت.

ارتباطاً بما سبق يجب ملاحظة توسّع ثقافة شعبية مرتبطة بالسؤال: كم ستشكل في يوم ما معركة استعادة الجولان إلى حضن سورية الأم من كارثة على كيان العدو؟!.

بقلم: ظافر أحمد