فورد يقر بفشل سياسات أوباما في سورية

واشنطن-سانا

بعد تنامي خطر الإرهاب التكفيري ووصوله إلى داخل أوروبا وعدم تحقيق الولايات المتحدة أجندتها التي رسمتها في المنطقة لم يجد السفير الأميركي السابق لدى سورية روبرت فورد بداً من الإقرار بكل وضوح بفشل سياسات إدارة بلاده وما اسماه استراتيجياتها بشأن سورية.

اعتراف فورد بفشل إدارة أوباما والذي جاء في مقال له بعنوان “أميركا تخسر الحرب في سورية” ونشره موقع فورين بوليسي لا يعني أن الدبلوماسي الأمريكي المعروف بدوره التحريضي واتصالاته مع التنظيمات الإرهابية المسلحة في بداية الأحداث قد تاب عن دعم الإرهاب بعد أكثر من أربع سنوات إذ دعا في مقالته إدارة أوباما إلى المزيد عبر “تقديم مساعدة وجهد دبلوماسي ضخمين” لما تسميه واشنطن مواربة “المعارضة المعتدلة وفرض منطقة حظر للطيران” لحمايتهم.

واعتبر فورد أن ضخ “كميات قليلة” من الأموال والإرهابيين للقتال لن يكون كافيا للتوصل إلى “المفاوضات السياسية” التي تأملها الإدارة الأمريكية قبل أن يدعو إلى إعادة تأليف ما أسماه “قيادة مركزية موحدة للمعارضين” الذين وصفهم بغير “الجهاديين” في خطوة يصفها مراقبون بـ “الحمقاء” إذ إن واشنطن ستعيد بذلك السيناريو نفسه الذي دعمت به التنظيمات الإرهابية قبل أن تنقلب في غالبيتها العظمى وتظهر وجهها المتطرف بعد أن حصلت على الأموال والأسلحة وتبدأ باستغلال الأماكن التي تسيطر عليها في إيجاد الموارد المالية الذاتية.

وفي شواهد مظاهر فشل إدارة أوباما حسب فورد فإن “النهاية الصامتة” لـ “حركة حزم” التي كان يدعمها الأمريكيون ويصنفونها بأنها معتدلة في شمال سورية شكلت أحدث مؤشر على إخفاق السياسة الأمريكية قبل أن يتحدث عن الانتكاسات التي منيت بها التنظيمات الإرهابية المدعومة من قبل واشنطن ويحاول سوق التبريرات للعلاقة التي تربطها مع “جبهة النصرة” الإرهابية من خلال قوله “إن واشنطن لم تعزز مساعدتها لهؤلاء عندما كانوا بأمس الحاجة ما تسبب بتقسيمهم بشكل سييء للغاية بين الدول الخارجية التي تدعمهم وجعلهم يتقاتلون فيما بينهم وينخرطون في علاقات مع جبهة النصرة”.

مواربات المسؤولين الأمريكيين المعتادة التي يغطون بها فجاجة دعمهم للإرهاب لم يمتنع فورد عن استخدامها من خلال قوله إن على السلطات التركية التي استغلت المتطرفين لمحاربة الحكومة السورية وكذلك الأكراد الذين تخشاهم أن تغلق أخيرا في ضوء الاستراتيجية الجديدة ما وصفه بـ “طرق التهريب” عبر الحدود التي يستخدمها إرهابيو “داعش وجبهة النصرة” والتي تشكل أهمية وفائدة كبيرة لهم ليكون الطريق مفتوحاً هذه المرة حسب محللين سياسيين لجماعات إرهابية أخرى تناسب المقاييس الأمريكية.

وطبعا وكما عادة كل المسؤولين الأمريكيين مؤخراً لا يتم تجاهل الحديث عن الحل السياسي للأزمة إلا ان الجديد في كلام فورد هو دعوته إلى وجوب التركيز على تحقيق هدف “التوصل إلى اتفاق سياسي وطني” دون الحديث عن إسقاط الحكومة السورية كشرط مسبق في مواربة تدعو للسخرية إذ كيف ستعمل واشنطن على تحقيق هدف الاتفاق السياسي الوطني مع تسليح مجموعات إرهابية جديدة وحمايتها.

ويقر فورد في مقالته من حيث يدري أو لا يدري بأن “المجموعات الإرهابية المعتدلة” وفق التصنيف الأمريكي ترتكب الجرائم بحق المجموعات المدنية الداعمة للحكومة ولها ارتباطات مع جبهة النصرة إذ قال إن نجاح استراتيجية أوباما في دعمها يعتمد على أن “تتوقف المعارضة المسلحة عن ارتكاب الجرائم بحق المجموعات المدنية الداعمة للحكومة وأن تتحمل مسؤولية أفعالها وأن تقطع كل علاقاتها بجبهة النصرة وأن تعلن أنها مستعدة للتفاوض مع قوات الجيش العربي السوري لوضع ترتيبات أمنية محلية”.

ويخلص فورد في مقاله إلى القول “إنه في حال لم يوافق حلفاء واشنطن الإقليميون أو المعارضة على هذه الاستراتيجية والتكتيكات وفي حال لم يوسع أوباما مدى ضرباته الجوية سيكون على واشنطن التخلي عن فكرة التخلص من داعش خلال السنوات المقبلة وأن تبتعد وتتخلى عن أي دور في سورية”.

وبهذه المواقف ينضم فورد إلى مجموعة المسؤولين الأمريكيين الذين أدخلتهم مزاعم حملة إدارتهم العسكرية ضد تنظيم “داعش” الإرهابي في حالة من “التخبط والإحباط” حيث أكد الكاتب الأمريكي غريغ ميلر في سياق مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية مؤخرا أن مسؤولي وخبراء مكافحة الإرهاب الأمريكيين دخلوا في فترة من “الكآبة والتشاؤم” مع فشل استراتيجياتهم في مكافحة الإرهاب ومواجهة تنظيم “داعش” الإرهابي الذي يتمدد على نحو غير مسبوق ويواصل ارتكاب جرائمه المروعة رغم الحملة العسكرية التي تقودها واشنطن بحجة القضاء عليه في سورية والعراق.

انظر ايضاً

نيكاراغوا تمنع السفير الأميركي الجديد من دخول أراضيها

ماناغوا-سانا منعت حكومة نيكاراغوا سفير الولايات المتحدة الجديد هوغو رودريغيز من دخول البلاد