نتائج الانتخابات الإسرائيلية.. تأكيد لثوابت الاحتلال-الوطن العمانية

ما آلت إليه الانتخابات الإسرائيلية من نتائج بإعادة انتخاب مجرم الحرب المتطرف بنيامين نتنياهو لرئاسة حكومة الاحتلال لفترة جديدة، لم يكن مدهشا أو مثيرا للاستغراب، وإنما هو نتيجة طبيعية بالنسبة لواقع حال احتلال تمت تربيته وتسمينه وإعداده غربيّا لأكثر من ستة عقود ليقضم الحق الفلسطيني وينهب كل ما على الأرض الفلسطينية، ويكون رأس الحربة للغرب الاستعماري في المنطقة. واللغة الصريحة والمباشرة التي استخدمها نتنياهو بإعلانه شطب حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، لم يكن محتاجا إليها في الأساس ليكتسح أصوات ناخبيه من قطعان المستوطنين والمتطرفين الصهاينة، وإنما كان يعلن عن ثابت من ثوابت السياسة الإسرائيلية وهو عدم الاعتراف بالحقوق الفلسطينية، وهو ثابت من ثوابت الأحلام التلمودية بما يسمى “إسرائيل الكبرى” من الفرات إلى النيل، وأنها أرض الميعاد.

اليوم لم يهدم كيان الاحتلال الإسرائيلي فرص السلام قطعة قطعة؛ قطعة بحجم قطاع غزة والعدوان الإرهابي المتكرر عليه، وقطعة بحجم تدمير منازل فلسطينيين بالضفة الغربية، وقطعة بتهجير المقدسيين من منازلهم وتهويد القدس والقرى العربية الفلسطينية، وقطعة الزج بالفلسطينيين في معتقلاته وسجونه، بل يشطب الشعب الفلسطيني بأكمله من كل برامجه ومشاريعه وخططه الحالية والمستقبلية، ويطمس تاريخ أمة عربية مسيحية ـ إسلامية، ويدمر حضارتها وكل ما يمت إليها بصلة.

ويأتي هذا الشطب الإسرائيلي للقضية الفلسطينية وسط تحرك فلسطيني لإنهاء الاحتلال، يحاول الفلسطينيون خلاله البحث عن حقوقهم المغتصبة وعن دولتهم المستقبلية المنتظرة في أروقة ما يسمى المجتمع الدولي، وعن من يساندهم في بحثهم من أجل إقامة الدولة الجديدة، غير أن هذا لا تتوفر له الظروف المواتية خاصة حين يعلم جميع الفلسطينيين والعرب والعالم أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هما أول المهنئين لمجرم الحرب نتنياهو بفوزه بالانتخابات في الوقت الذي تزعم فيه هاتان القوتان أنهما مؤيدتان “لحل الدولتين” الذي شطبه نتنياهو. وإذا ما استمرت هذه السياسة الأميركية ـ الأوروبية المزدوجة (تمويل الاحتلال وتأييد العدوان الإسرائيلي وزعم الاعتراف بحل الدولتين) فإن آلية جديدة للتعامل مع كيان الاحتلال الإسرائيلي لا بد أن تكون ملحة بل هي تطرح نفسها مع كل يوم يمر في مسيرة الاعتراف الدولي، وأولى هذه الآليات المطلوبة آلية التصدي لهذا العدوان والسطو في وضح النهار على الحقوق الفلسطينية بشكل حاسم وعاجل، وستكون هذه الآلية بمثابة علامة على تحول حقيقي في اتجاه السلام المأمول.

ونظرا لأن إدارة الرئيس باراك أوباما لم تعلن موقفا صريحا أو مواربا من إعلان نتنياهو شطب الحقوق الفلسطينية وانحياز كيان الاحتلال الإسرائيلي إلى العنصرية والاحتلال، فإن في ذلك ما يكفي من الدلالات للذين يواظبون على القول بأن الحلول للملف الفلسطيني لا بد أن تمر من واشنطن عملا بالمقولة التي سادت لفترة بأن 99% من أوراق اللعبة في يد الأميركيين، لكن ها هي وقائع الانتخابات والتصريحات الإسرائيلية تشير إلى عكس ذلك، فنتنياهو أفصح عن الوجه الحقيقي للمرحلة المقبلة في تنفيذ ثوابت السياسة الإسرائيلية ليس لكسب أصوات الناخبين، وإنما لتخفيف الضغط الدولي عليه من خلال بناء موقف موحد ورأي عام إسرائيلي يتلطى خلفه، ومن ثم تصدير أسباب الإخفاق إلى الإدارة الأميركية كنوع من الانتقام مما قيل عن أن هناك خلافا حادّا بين نتنياهو وأوباما.

ها هو الواقع يقول للذين لا يزالون يعتقدون أن هناك جهة ما في المنظومة الدولية بمقدورها الآن وقف كيان الاحتلال الإسرائيلي عن عبثه بالقضية الفلسطينية إنكم واهمون بكل تأكيد.

فكيان الاحتلال لا يعرف إلا لغة القوة، ولا يرضخ ولا يحاور هو وحلفاؤه إلا إذا وجدوا ندّا قويّا أمام تماديهم.

رأي الوطن