إلى أين تهرب أسلحة الناتو في أوكرانيا؟ بقلم: أحمد ضوا

تتقاطع المعلومات حول تهريب كميات كبيرة من الأسلحة الفردية المتطورة التي يقدمها حلف شمال الأطلسي إلى أوكرانيا إلى التنظيمات الإرهابية والعصابات الإجرامية في إفريقيا وآسيا دون أي رقابة من الحكومة الأوكرانية أو الناتو.

من المعلوم أن الدول الغربية والولايات المتحدة استخدمت ولا تزال الحروب والنزاعات لتهريب السلاح والذخائر إلى أدواتها، وهو ما قام به الأطلسي بعد العدوان على ليبيا؛ حيث تم نقل كميات كبيرة من الأسلحة إلى التنظيمات الإرهابية التي يشغلها الحلف، وفي مقدمتها تنظيم “داعش” الإرهابي والمنظمات الإرهابية الدولية الأخرى في الدول التي يسعى الحلف إلى تدميرها أو فرض إرادته السياسية على شعوبها.

وفي كانون الأول من العام الماضي أعلنت وزيرة الدفاع التشيكية جانا سيرنوشوفا أنه من الصعب تجنب الاتجار أو التهريب بالأسلحة التي يقدمها الناتو إلى أوكرانيا وتكرار الإخفاقات في يوغوسلافيا السابقة بأوكرانيا.

بدورها قالت بوني دينيس جينكينز، وكيلة وزارة الخارجية الأميركية للحد من التسلح والأمن الدولي: إن احتمال وقوع الأسلحة الأميركية المرسلة إلى أوكرانيا في الأيدي الخطأ ممكن بشكل كبير.

في الحادي عشر من تموز الماضي، قالت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيفا يوهانسون: إننا نعرف أن الأسلحة الموجودة في أوكرانيا ليست جميعها في أيدٍ أمينة، وبعضها يذهب لمصلحة الجريمة المنظمة التي تغذي عنف الشبكات الإجرامية في الاتحاد الأوروبي.

وفي الثلاثين من الشهر الماضي كشف الرئيس النيجيري محمد بخاري، أن الأسلحة المستخدمة في الصراع الأوكراني يتم تهريبها إلى الإرهابيين في منطقة بحيرة تشاد.

وقبل أيام أكد المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، أن تهريب الأسلحة الموردة إلى دول ثالثة آخذ في الازدياد.

من جانبه قال المندوب الصيني الدائم لدى مجلس الأمن الدولي قنغ شوانغ: إنّ الكميات الضخمة من الأسلحة التي قُدمت إلى أوكرانيا يذهب جزء منها إلى جماعات مسلحة في الشرق الأوسط وأفريقيا.

كل هذه الاعترافات والمعلومات لا يمكن أن تأتي من فراغ، وخاصة أنها صادرة من دول لديها أدواتها لجمع المعلومات والمعطيات وأجهزة استخبارية ضخمة تعمل على مساحات واسعة من العالم، ومع ذلك بقي حلف شمال الأطلسي يزود أوكرانيا بالأسلحة ولم يتخذ أي خطوات أو إجراءات لمنع وصول هذه الأسلحة الخطيرة إلى التنظيمات الإرهابية الدولية المنتشرة في كل أصقاع العالم.

إن تجاهل الولايات المتحدة لهذه الحقائق لا يعكس عجزها الكامل عن منعه، بل يصنف في إطار سعيها للإضرار بمصالح الدول الأخرى أو المنافسة لها، وخاصة أن واشنطن تدير العديد من التنظيمات الإرهابية في العالم، ولا سيما في آسيا وإفريقيا ولها صلات مع العصابات الإجرامية والمسلحين المناوئين لبعض الحكومات في أميركا الجنوبية.

لا تُخفي الولايات المتحدة محاولاتها الرامية للحفاظ على هيمنتها العالمية، وعلى ما يبدو أن لديها توجهاً لإشغال العالم بحروب وأزمات وتوترات في العديد من المناطق تفضي في نهاية المطاف إلى إشغال الدول المنافسة لها، وما يجري في أوكرانيا ومضيق تايوان وبعض الدول الإفريقية على صلة مباشرة بالاستراتيجية الأميركية لإطالة أمد الهيمنة الأميركية على العالم.

إن حسابات واشنطن في هذا السياق ليست سلسة، وإنما محفوفة بالمخاطر، وتطورات الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على الصعيد الأوروبي مؤشر كبير على عدم تطابق حسابات الحقل مع البدر، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تهديد كبير وخطير للاستقرار الدولي، وخاصة في ظل المعلومات التي تتوارد عن تحضير الأطلسي لخيارات يتم الحديث فيها عن الأسلحة النووية.

انظر ايضاً

دعم واشنطن للعدوان الإسرائيلي.. وحساب الربح والخسارة!… بقلم: جمال ظريفة

لا وصف لما منيت به السياسة الأمريكية في الآونة الأخيرة بعد الانخراط بالعدوان على غزة …