الحقيقة من إيران.. بقلم: أحمد ضوا

بدأت الطائرة تهبط رويداً إلى مطار طهران الدولي تلامس عجلاتها الخلفية المدرج بتأن ونعومة يشتهر بها الطيارون السوريون.. الساعة حوالي السابعة مساء، والتاريخ يوم الثلاثاء، والطقس بارد نوعاً ما، ولكن سرعان ما أخفته حرارة الاستقبال من الجانب الإيراني الذي أنجز متطلبات الجوازات لنغادر أرض المطار، وتشق السيارة الطريق الذي ينبض بالحياة والازدحام نحو إقامتنا المقررة.

الجميع مشدودة عيونهم إلى الطريق، علهم يرون تلك المظاهرات التي يتحدث عنها الإعلام الغربي، والمفاجأة أننا وصلنا أوتيل ازادي ولم نر إلا هدير السيارات ونبض الحياة والأمن والأمان في هذه العاصمة التي تتجدد، وتتوسع باستمرار.

بدأت الأسئلة تنهار من الجميع على المرافقين من الجانب الإيراني، والجواب كان غداً تكتشفون الحقيقة بأنفسكم.

ذهب أعضاء الوفد المؤلف من تسعة أشخاص إلى غرفهم، والسؤال الذي يشغل أذهانهم هل حقاً كل ما تبثه بعض القنوات من فيديوهات وأخبار عن المظاهرات في إيران مفبرك وغير صحيح؟!!.

في اليوم التالي توجه أعضاء الوفد من الصباح الباكر لتناول الفطور والذهاب إلى العمل، فالبرنامج حافل باللقاءات.. وتدحرجت عجلات السيارات المخصصة لنقلنا إلى وكالة الأنباء الإيرانية إرنا.. الجو غائم والضباب ينسحب رويداً، ولكن الأعين جميعها شاخصة إلى الطرق التي نسلكها.. ولكن لم نجد أي شيء يشير إلى تلك الفوضى التي يتحدث عنها الإعلام الغربي، وتحفل

بها بعض شاشات قنوات المنطقة.. بعض أعضاء الوفد اقترح ألا نتسرع، ورأى أن ننتظر فيمكن أن تخرج هذه المظاهرات بعد الظهر.

مر اليوم الأول من زيارتنا إلى طهران سريعاً، ومع حلول الليل خرجنا إلى أحد المطاعم بعد الساعة العاشرة ليلاً، وقطعنا مسافات ومناطق متعددة تضج بالحياة والنور، وتأكدنا أن ما تبثه بعض القنوات المعادية لإيران، وخاصة من بريطانيا كاذب وملفق وغير مطابق للواقع الافتراضي الذي يتم تكراره بشكل دائم على قنوات لها تاريخ قذر من التزييف والتضليل.

في اليوم التالي ومع استجابة المرافقين من الوفد الإيراني لطلبنا بإجراء جولة في طهران، تأكدنا أن ما طبقته الدول الغربية في بعض الدول العربية تسعى لتكراره في إيران، مستغلة أحداثا أثبتت التحقيقات الجنائية أنها عرضية، وليست من فعل الأجهزة الأمنية الإيرانية التي لم نر أي أثر لوجودها في طهران، على الأقل بشكل معلن وكما يصورونها وهي تقمع المظاهرات المزعومة.

لم يتوقف بحثنا عن الحقيقة فيما تدعي بعض وسائل الإعلام المعادية للشعب الإيراني على المشاهدة بأم العين، بل دفعتنا لهفة الصحفي إلى توخي الحقيقة والدقة إلى توجيه الأسئلة المباشرة للمسؤولين الإيرانيين عن ماهية ما تبثه بعض القنوات التلفزيونية حول المظاهرات ضد نظام الحكم في إيران، وكان الجواب عليكم أن تتأكدوا بأنفسكم فأنتم تتحركون بحرية على مساحة طهران، وتلتقون مع الناس بشكل يومي.

لا يخفي المسؤولون الإيرانيون قيام بعض المظاهرات في طهران خلال الثلاثة أشهر الماضية، بعضها من أجل مطالب تعمل الحكومة على تلبيتها، وبعضها بإيحاء من جهات خارجية معادية للشعب الإيراني، وتم التعامل معها وفقاً للقانون، مؤكدين أن مثل هذه المظاهرات والتجمعات توقفت وتقتصر على بعض التجمعات المحدودة من أجل التصوير في بعض المدن الرئيسية فقط، وتكون لفترة قصيرة جداً.

ويضيف المسؤولون على ذلك بالقول: إن الدول المعادية لإيران حاولت أن تستغل المناطق الحدودية في شمال غرب البلاد وجنوب شرقها، ولكن الأجهزة الأمنية الإيرانية والحرس الثوري يتعاملون بحكمة مع هذه الأحداث الأمنية، واستطاعوا أن يفشلوها، ويحدوا من التدخلات الخارجية فيها.

أينما تحرك الزائر في طهران يجد الحياة الطبيعية والتطور والنهضة العمرانية في هذه المدينة، إلى جانب الحيوية والنشاط اللافت لسكانها في المطاعم وأماكن الترفيه ومواقع العمل.. وهذا يؤكد كذب الأخبار والفيديوهات التي تبثها وسائل الإعلام المعادية للشعب الإيراني.

وعلى مدى الأربعة أيام الماضية لم نر أو نلحظ وجود أي تجمعات أو مظاهرات في طهران التي جلنا في أطرافها الأربعة، وتحركنا في وسطها وأسواقها، حيث نقيم في فندق ازادي الذي يطل على مساحات كبيرة من المدينة.

ويؤكد المسؤولون الإعلاميون في طهران الاستفادة من تجربة وسائل الإعلام السورية في مواجهة الحملات الإعلامية المضللة، والتي ما زالت بعض القنوات الفضائية المعادية تعول عليها لإحداث الفوضى في إيران.

ويتحدث الكثير من الشعب الإيراني بثقة عن قدرة بلادهم على تخطي هذه المرحلة من العدوان الخارجي والحرب الإعلامية والنفسية والمضي نحو المزيد من التقدم والتطور والازدهار في كل الاتجاهات.

وكذلك الأمر فقد شرح لنا المسؤولون الإيرانيون أهداف هذه الحملات الإعلامية المعادية للشعب الإيراني، وسبل دحضها بتقديم المعلومات الحقيقية وبكل شفافية عن أبناء وطنهم الذين خبروا خلال السنوات الماضية مثل هذه الأحداث، واستطاعوا إفشال أهدافها والاستفادة منها في تحصين المجتمع الإيراني، ومعالجة حالات الخلل والثغرات التي يستغلها أعداء إيران في حملاتهم المعادية.

انظر ايضاً

بغداد–دمشق المطلوب اقتران الإرادة بالعمل… بقلم: أحمد ضوا

حظيت مباحثات السيد الرئيس بشار الأسد مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني