سياسة النفس الطويل-الثورة

ليس من متابع في العالم لا يلمس خصوصية وحساسية وصعوبة مهمة المبعوث الدولي ستيفان دي مستورا في سورية. يواجه الرجل أولاً تعقد المسألة وتشابك خيوطها وفيض المؤثرات الخارجية والمؤثرين الخارجيين فيها! ولكل مصالحه التي ليس منها أبداً مصلحة الشعب السوري، أو على الأقل ليس في مقدمتها.

إلى الآن لا يجد المبعوث الدولي طرفاً واضحاً يمثل اتجاهاً فاعلاً على الأرض عسكرياً وسياسياً قابلاً لإصدار أوامر تطاع لتنفيذ ما يُتفق عليه، غير الحكومة السورية. وهو يدرك أن ذلك كان دائماً سر التعقيد في المحاولات السابقة لحل المسألة أو حلحلتها. إلى حد كبير أعلنت الولايات المتحدة أكثر من رؤية مشابهة.. لكنها راحت بعيداً في معالجة المسألة عن طريق تجهيز وتدريب وتسليح مفاوض للحكومة السورية تحت اسم المعارضة المعتدلة، لن تكون أبداً ببعيدة عن الارهاب.‏

في خطته الجديدة يحاول المبعوث الدولي أن يستفيد من فشل سابقيه ومن مراوحة مبادرته الأولى لإخراج مدينة حلب من المعركة… عن طريق توسيع قاعدة الحوار المزمع والوصول إلى معظم المشاركين والمتدخلين في المسألة، بادئاً من مستويات أدنى، ليؤسس بنية أولية ما ترتكز عليها الجهود القائمة والقادمة.‏

تتميز المبادرة الجديدة عن كل سابقاتها التي طرحت من مبعوثين ووسطاء آخرين:‏

أولاً – أنها لا تقوم على أساس مضمر أو معلن يفترض أن الحكومة السورية إنما تمثل نظاماً منتهياً… وأن المطلوب هو بديل وليس اتفاقاً على منهج !!!؟؟؟‏

ثانياً – تختلف رؤية المبادرة الجديدة عن المبادرات الروسية، وهي الأهم لأنها أوصلت إلى جنيف 1 وجنيف 2، في محاولة توسيع قاعدة الحوار والتمهيد لذلك بلقاءات غير قيادية عليا تؤسس لأرضية بناء قاعدة ثقة، ودعوة إيران. دائماً كانت محاولة اقصاء إيران مؤشراً أولياً وأكيداً لعدم جدية التوجه، أو عدم صوابيته. من ناحية يقولون إن إيران شريك أساسي للحكومة السورية في القتال والسياسة.. ومن ناحية ثانية يرفضون حضورها، فعلى أي أساس تحضر تركيا ودول الخليج والأردن وغيرها إذاً ؟! أليس لأنها شريكة للمعارضات المسلحة في المعركة.‏

هذا بالتأكيد يتطلب نفساً طويلاً وزمناً مديداً. حتى الأسابيع الستة التي وضعها دي مستورا كحد أقصى لاجتماعاته التمهيدية مع الأطراف لن تكون كافية لإنتاج تطوير كافٍ لتقديم الدعم الذي يتوخاه لجنيف 3.‏

المشكلة الملحقة مع الزمن الطويل الذي يتطلبه هذا الجهد هو تأثره الأكيد بالتطورات التي تحصل على الأرض. يعني يتطور ذلك كمبادرة حل سياسي على أساس محاولة الحل العسكري ؟! فهل ثمة قوة ما في العالم تستطيع فرض وقف اطلاق نار مثلاً ؟؟!! هل ثمة من يستطيع أن يوقف قوى الإرهاب عن ارهابها…؟! إن أي عدول ولو جزئي أو نسبي عن قراءة الحالة من خلال دور محاربة الإرهاب فيها… هي نفس طويل لا طائل من ورائه.

أسعد عبود

انظر ايضاً

المبادرات والحلقات المفرغة…صحيفة الثورة

لا وضوح فعلياً في المبادرات المحتملة التي يتم الحديث عنها حول المســــألة السورية، وضمن ذلك …