أوراق روح تحترق.. مجموعة شعرية للدكتور حسين جمعة

دمشق-سانا

“أوراق روح تحترق” مجموعة قصائد للدكتور حسين جمعة تضمنت مواضيع مختلفة من الغزل والشوق والوطن بأسلوب عفوي اعتمد فيه على شعر الشطرين والتفعيلة والعفوية.

تجلت في النصوص ألفاظ منتقاة دلت على لغة شعرية جزلة في محاولة من الدكتور جمعة تقديم شعر يجمع فيه الأصالة والمعاصرة والموضوع الذي يخص الإنسان بشكل مباشر إضافة إلى حذره بانتقاء القافية والروي الملائمين لمواضيع النصوص الشعرية كقوله في قصيدة “الله ما أعلى شأنه”:

“لا شيء يبدد أحزاني .. غلا بالصفح لذي النجدين
الله وما أعلى شأنه .. لهو المرجو على الحالين”.

وتظهر الحرب على سورية وما خلفته من ألم في أغلب نصوصه لتدخل في النسيج البنيوي للألفاظ وتتكون مع الدلالات الذي يريد لها أن تسقط أقنعة الظلم والمؤامرة ويريد لها أن توثق ما يعيشه الشعب السوري من أسى ووجع جراء ما يصيبه من نتائج المؤامرة حيث يقول في قصيدة “تجار الأزمات”:

“قد صار همهم في كل نائبة .. جمع الدراهم بالأوساق والرحل
داسوا الكرامة في خبث وفي نزق .. صالوا ذئاباً على الأسواق
والنزل لا يأبهون لدين أو لعاقبة .. كلن ينافق بالأخلاق والحيل”.

كما كانت دمشق في أولويات قصائد المجموعة عبر كتابات شعرية ارتقت بعاطفتها إلى مرحلة الحب الكبير الشفاف الذي يعتبر الفيحاء من أهم ما يمكن أن يراه الإنسان في حياته لأنها فاتحة الوطن مستحضراً أمجادها ومعتبراً أنها فوق الضغائن والأحقاد كما جاء في قصيدة “أنا ودمشق”:

“لهفي عليها على أمجاد عزتها .. وقد تعاورها الأعداء بالأفق
صوغي دمشق من الباكين أشرعة .. وفجري التوق في الأهداب والحدق
لا تذرفي الدمعة هتاناً على بطل .. خط الطريق إلى خلد به خلق”.

ويكتب جمعة تداعياته الغزلية بأسلوب حذر يوازي مكانته الثقافية والاجتماعية فتأتي عالية الهمة شامخة المعاني رقيقة الانسياب مكونة مع البحر البسيط وحرف الروي الذي جعلته القاف قوة في التكوين وعذوبة في الطرح ما سبب في وجود قصيدة مليئة بالشجن والرقة يقول في قصيدة “يا نشوة الروح”:

“هاج الحنين لأيام الهوى العبق .. والصوت ينداح من غيب أن احترق يا فرحة الأرض يا دنيا مشعشعة .. فكي عقال أسير تاه في الطرق”.

وفي المجموعة عدد من نصوص شعر التفعيلة التي غلب عليها النزعة الوطنية والالتزام بالمبدأ الشعري الأصيل وفق أنغام متسلسلة ومتصاعدة ملتزمة بتفعيلة واحدة في موضوع النص يقول في قصيدة “مقاومة”:

“ماذا تهم التسمية .. نريدها عاصفة
تثير في أرجائها .. حليم قوم في غضب
رفاقنا وقد مضوا .. أكليل عز خالد
جاؤوا بنصر مبرم .. من مركز الخيام في الجنوب”.

وتأتي نصوص الشطرين أكثر قوة من التفعيلة في شعر جمعة لأن أساس الموهبة يرتكز على هذا النمط الشعري الأصيل فجاءت قصائده أكثر عاطفة وأشد حضوراً وقرباً إلى المتلقي يقول في قصيدة طاقة حب:

“طيف يخامرني من غابر الزمن .. أغرى وجودي بعقل راح يرمقني
أهدى الحياة كمالاً لا ينغصه .. كيد النفوس قذا بالسر والعلن”

وقال الدكتور الشاعر محمد سعيد العتيق يأخذنا الدكتور حسين جمعة بشعره إلى صوت الذات ومواجع الوطن وانعكاسات اللقطة الشعرية التي تدلل على التجربة وما تنجز من قيم تفوح من الحروف فإن ما قدمه نتاج زمن طويل جاء بصوت متمرد على الفوضى والانفلات الأخلاقي والفساد وكنت ممن نصحه في نشر هذه القصائد لأنها تشكل قيمة اجتماعية وأخلاقية.

وبرأي الكاتبة نبوغ أسعد فإن المجموعة الشعرية التي جاءت بعنوان أوراق روح تحترق لحسين جمعة تتميز بتباين المواضيع ومحاكاة المجتمع السوري عبر همومه الاقتصادية والاجتماعية إضافة إلى ما بثه الشاعر من عواطف نبيلة وروح وطنية مألوفة في كل النصوص كما أنها تبشر بمستقبل سوري مشرق بعيد عن الشوائب وتتمسك بالقيم والأخلاق التي ورثناها عن أجدادنا وآبائنا.

محمد خالد الخضر