كواليس المبدعين.. كتاب جديد لهاني الخير

دمشق-سانا

ضمن سلسلة آفاق ثقافية التي تصدرها الهيئة السورية للكتاب يقدم الكاتب هاني الخير كتابه الجديد بعنوان “كواليس المبدعين” كدليل نظري ومرشد أمين للغوص في عالم الإبداع والمبدعين والخالدين في الذاكرة البشرية من أدباء وشعراء وروائيين ومؤرخين ومفكرين من ذوي القامات العالية في الحياة الثقافية العربية.

ويهدف الكتاب الواقع في 263 صفحة من القطع المتوسط إلى التعريف بخفايا حياة واحد وستين علما من هؤلاء الأعلام ونفسياتهم وعوالمهم ورحلة كفاحهم المضني وإنجازاتهم الإبداعية دون أن يخدش الكاتب كرامة أحد كما يقول في مقدمة الكتاب.

ويبدأ الخير بالشاعر الكبير نزار قباني وقصته مع الرسم في مجموعته الشعرية الأولى “قالت لي السمراء” الصادرة بدمشق في شهر أيلول 1944 مشيرا الى أن المفاجآت في هذه المجموعة الشعرية عديدة لعل أبرزها أن الشاعر قام بتنفيذ الرسومات الداخلية بريشته ثم غابت هذه الرسومات الساذجة الى الأبد في الطبعات اللاحقة من الديوان نفسه.. كما أسقط الشاعر قصيدة أحبك التي وردت في الطبعة الأولى على الطبعات اللاحقة.

وعن الشاعر بدوي الجبل قال الخير إنه أحب الشام حب أعرق أبنائها وكان لا يطيق الافتراق عنها وظل وفيا لدمشق طوال حياته يتغنى بمفاخرها وفضلها على العالم ومن رأى الحزن على وجوه سكان دمشق على حد تعبير صديق عمره الدكتور عدنان الخطيب أمين عام مجمع اللغة العربية بدمشق يوم شاع خبر وفاته عرف حقيقة ما تكنه هذه العاصمة العربية الخالدة من حب وتقدير وامتنان لمن قال يوما:

لقد زعموا أني بجلق هائم     أجل والهوى إني بجلق هائم

أما شاعر العرب الكبير محمد مهدي الجواهري فلفت الكاتب إلى أنه ليس من عادته حين كان يدعا الى القاء قصيدة في مناسبة أو مهرجان أن يكتب ما تجود به قريحته المبدعة على الورق كما يفعل الشعراء الآخرون وانما يكتفي بورقة هزيلة الحجم يخفيها في يده حين يبدأ بالقاء القصيدة التي تكون في معظم الأحيان مفاجأة مذهلة وصدمة جمالية من العيار الثقيل للمتلقين الذين يترنحون طربا ونشوة.

وكان الجواهري يدون على هذه الورقة اليتيمة بعض الحروف أو الرموز أو الاشارات وما تلك الرموز في الواقع سوى بعض أبيات القصيدة أو قوافيها كذلك لم يكن من عادة الجواهري أن يقرأ لأي من أصدقائه إلا في حالات استثنائية ما كان ينظمه قبل أن تنجز القصيدة أو تكاد.. وقد يحدث أن ينظم أبياتا من قصيدته ثم ينساها بين أوراقه فلا يعود لاكمالها إلا بعد سنوات.

وعن شاعر الهوى والجمال الأخطل الصغير واسمه الحقيقي بشارة الخوري الذي أصبح أحد أعمدة الشعر العربي ينقل الخير عن الأديب عادل غضبان “لا بد أن يكون بين الأخطلين جاذبية مودة من جانب واحد وتجاوب روحي حمل شاعر القرن العشرين على أن يختار اسم الأخطل واننا لنلمس ذلك التجاوب في شعرهما فكلاهما شاعر الهوى والجمال”.

أما جبران خليل جبران “فقد حاول صديقه الأديب المهجري ميخائيل نعيمة تقليده واقتفاء خطواته العملاقة بحذر وكذلك تشويه سمعته الشخصية بعد رحيله بعامين” عندما أصدر كتابه بعنوان “جبران حياته موته أدبه فنه” ولكنه لم ينجح في ذلك ولم يبلغ مكانته الأدبية وما زال هذا الكتاب يثير موجة من الجدل والمناقشات الصاخبة المستفيضة بين محبي أدب نعيمة وبين أنصار جبران ومحبيه الكثر.

وكان للأديبة غادة السمان حضورها المتميز في الحياة الثقافية العربية المعاصرة على مدى أربعة عقود من القرن الماضي ما رشحها بقوة لتكون محط متابعة القراء على امتداد الوطن العربي بعد أن أصدرت عشرات المؤلفات التي شملت فنون الأدب كالقصة والرواية والمقالة والتحقيق الصحفي والاعترافات.

وإلى جانب هؤلاء يحفل الكتاب بالغوص في كواليس مبدعين آخرين كالدكتورة عزيزة مريدن والمثل العليا واللواء محمد طاهر بكفلوني ورهافة إحساسه النقدي والكاتب حنا مينة الذي لا ينصح أحدا بالتدخين وزكي مبارك الملاكم الأدبي وعباس محمود العقاد وخصومته مع الأطباء وأحمد أمين والقضاء الشرعي وصلاح عبد الصبور والنقد القاتل وغيرهم كثير.

سلوى صالح