الاحتطاب الجائر خطر يهدد البيئة والمجتمع

دمشق -سانا

يعد الاحتطاب الجائر من أخطر العمليات المؤدية إلى تدهور الغابات بمعدلات سريعة ومتزايدة بالإضافة للآثار السلبية المتعددة المضرة بالبيئة والمجتمع على المدى القريب والبعيد.

وتفرض حاجة السكان والمجتمعات المحلية للتدفئة تزايد الطلب على منتجات الغابات من حطب الوقود والفحم النباتي، لا سيما في ظل تناقص المازوت وارتفاع أسعاره وما يصاحب ذلك من نمو سكاني مطرد ما يؤدي بالنهاية للاستغلال المكثف والعشوائي للغطاء النباتي الغابي وماينتج عنه من تدهور للغطاء النباتي وانتشار ظواهر الجفاف واختلال التوازن البيئي.

وحول هذه الظاهرة ذكرت وزيرة الدولة لشؤن البيئة نظيرة سركيس في تصريح ل سانا أن توفر التقنيات والأدوات الحديثة كالمناشير الآلية والسيارات المخصصة لهذه الغاية وسع في عمليات الاحتطاب الجائر واجتثاث الأشجار والشجيرات البرية دون الاكتراث بالآثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية المترتبة على ذلك.

وتزداد خطورة الاحتطاب حسب سركيس مع القيام بإزالة وتدمير الغطاء النباتي المحلي بهدف تصديره إلى الخارج وتزداد وطأة الأمر سوءاً حينما تكون الأرض المحتطبة غير قابلة لإعادة زراعتها حيث أن ميزانية إعادة زراعتها تكلف عشرات أو مئات أضعاف قيمة الأشجار والشجيرات المحتطبة.

وحول الأضرار المترتبة على الاحتطاب الجائر أكدت الوزيرة أنه يسبب مشاكل كثيرة تتعلق بالتصحر وتدهور بيئة الإنسان والتنوع الحيوي حيث أنه يجعل التربة عرضة للتعرية الهوائية والمائية ما يسبب انخفاضا في كمية المياه التي تغذي الطبقات الحاملة للمياه الجوفية ويزيد معدل حدوث الفيضانات والسيول الجارفة مسببا خسائر بشرية واقتصادية.

كما لفتت سركيس إلى دوره في تزايد معدلات زحف الرمال وإلحاق خسائر كبيرة في المنشأت والمزارع كتزايد مساحات الأراضي المتصحرة ما يؤثر بطريقة غير مباشرة على التغير المناخي بوجه عام عبر رفعه لمعدلات درجات الحرارة ونسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

وأشارت الوزيرة سركيس إلى المشاكل البيئية المترتبة على ظاهرة الاحتطاب في المناطق الجافة على المدى البعيد فالأشجار المحتطبة تنمو نمواً بطيئاً وتحتاج لوقت طويل لتعود لما كانت عليه ما يؤدي لفقدان الغطاء النباتي وعدم القدرة على تعويضه كما يؤثر على الثروة الحيوانية سلبا إضافة إلى أن الاستمرار في الاحتطاب سيقضى على أنواع شجرية لا يمكن الحصول عليها مستقبلا وبالتالي سوف يحدث خللاً في التوازن البيئي.
ورأت الوزيرة سركيس أن من أبرز الآثار السلبية للاحتطاب الجائر تقليص الرقعة الخضراء وزيادة التصحر وجعل الحياة البرية عرضة للخطر بسبب هجرة بعض الطيور والحيوانات بعد فقدها مأواها الطبيعي وهذا كله سيؤدي للإخلال بتوازن النظام البيئي.

وتحدثت سركيس عن الإجراءات المتخذة للحد من هذه الظاهرة، التي أضحت هاجسا مقلقاً للجهات المعنية خلال سعيها للحد منها وإيجاد السبل الكفيلة للحفاظ على الغطاء النباتي من التدهور والانقراض الناتج عن الاستغلال غير المرشد له مشيرة إلى أن سورية أولت اهتماماً كبيراً للشأن البيئي ولحماية الغطاء النباتي بشقيه الغابي والرعوي من التدهور والانقراض، إدراكاً منها بأهميته البيئية والاقتصادية والاجتماعية كما قامت الوزارة بتعميم شرطالحصول على موافقتها لقطع الأشجار.

ولفتت الوزيرة إلى اهتمام الحكومة بحماية الجانب البيئي عبر تعميم البيان الحكومي المتعلق بحماية المراعي والغابات والحياة البرية، وإصدارها القوانين ذات العلاقة، وتشجيع الإنضمام إلى الاتفاقيات البيئية الدولية ذات الصلة بالإضافة إلى إصدار قرارات إعلان المحميات بشقيها الطبيعي غابية مسطحات مائية والرعوي حيث تعتبر هذه المحميات هي المخزون الوراثي للموارد الطبيعية المتجددة الحيوانية والنباتية .
وعن الجانب التوعوي بخطر هذه الظاهرة أوضحت سركيس أن الوزارة وقعت العديد من مذكرات التفاهم مع بعض الجمعيات الأهلية والمراكز الوطنية بهدف زراعة الأشجار المحلية التي تنمو في بيئتها الطبيعية، وفي إنشاء الحدائق البيئية وترافق ذلك مع ندوات توعية مختلفة تشير إلى أهمية الأشجار وأخطار التحطيب على البيئة وعلى التنوع الحيوي بشكل عام إضافة إلى ذلك تقوم في كل عام بحملة تشجير دورية بين شهري كانون الأول ونيسان في جميع المحافظات السورية.

وازدادت ظاهرة الاحتطاب الجائر خلال سنوات الأزمة ولا سيما في الأوقات التي شهدت تناقصا في كميات المحروقات بالتزامن مع برامج التقنين الكهربائي ما دفع البعض للبحث عن وسائل آخرى للتدفئة.