رمال الإرهاب المتحركة-صحيفة تشرين

رباعية فيينا، ومن انضمّ إليها لتصبح اجتماعاً موسعاً بهدف إيجاد تسوية سياسية للأزمة في سورية يستند نجاحها ويتوقف على امتلاك النيّات الصادقة والإيمان القوي بضرورة مكافحة الإرهاب، وجعلها أولويةً تتصدّر الأولويات جميعها، إذا ما أردنا تسوية سياسيةً قابلة للتنفيذ للأزمة في سورية، وهذا ما أكدت عليه الدولة السورية، وما زالت تؤكده، على مدى أربعة أعوام ونصف العام من أن لا حلّ سياسياً للأزمة قبل دحر الإرهاب والقضاء عليه، وما يستند إليه الحضور العسكري الروسي في سماء سورية بطلب من الدولة السورية، وها هي الطائرات الروسية بضرباتها الجوية المحكمة وبالتعاون والتنسيق مع الجيش العربي السوري تدكّ معاقل الإرهاب ومجموعاته المدعومة من بعض الدول المشاركة في قمة رباعية فيينا ذاتها وبعدها الاجتماع الموسع.

فما هو الأمر المعوّل عليه في الحلول والمسارات السياسية، ومملكة الظلام ودعم الإرهاب وتمويله مازالت ثابتةً على ضلالها وغيّها وممارساتها الدموية بحق الشعب السوري بإيعاز من أمريكا التي لا تريد لمشكلة الإرهاب أن تنتهي حتى ولو ظهر بعض من ما يخالف ذلك في رباعية فيينا، لأنها هي مَنْ أوجدتها، وتمسك بخيوطها، وتحرّكها حسب أهدافها وأطماعها، وكذلك في ظل إصرار بني سعود على دعمهم اللامحدود لتمدّد الإرهاب الوهابي في المنطقة كلها، وآخره ما حملته طائرات حلفائهم من مئات الإرهابيين إلى اليمن الذي يشهد على ما يرتكبونه من جرائم حرب.

إن آل سعود الآن في وضع لايحسدون عليه، فميزان القوى تميل كفته لمصلحة الدولة السورية، وفي اتجاه الحسم الشامل للإرهاب الذي صنعوه مع أسيادهم على الأرض السورية، ولا يدّخرون جهداً لتمكينه وترسيخ جذوره، على الرغم من كل الاجتماعات، وقمم السياسة التي يلهثون لتؤول نتائجها لمصلحة ما كانوا يرمون، ويسعون إليه، من حيث إتمام مشروعهم القائم على التعاون المطلق مع «إسرائيل»، وبما يخدم أمنها في المنطقة لكونها حامية «الآلات» الملكية والأميرية في المنطقة ذاتها، وعلى عاتقها يقع أمر حماية هذه السلالات من الانقراض والزوال.

واستناداً إلى ذلك، تبرز الأصوات النشاز بين الحين والآخر، بما تحمل من مراهقةٍ سياسيةٍ تعجّ بمخلّفات لفظية غير مبنيّة على عقل أو تفكير.

سورية التي أوقفت كلّ مخططات المؤامرة ومشروعات التدمير والتقسيم في المنطقة، ما زالت أبوابها مفتوحةً لكل قرارات المجتمع الدولي.. لكن تلك القرارات المؤكدة على حقها في السيادة، ومكافحة الإرهاب الذي جعله البعض الإسفين الدموي في دكّ المعاقل الآمنة للشعب السوري، وتلك القرارات التي تقوم على تنفيذ بنودها دول لم تلوّث أيديها وتاريخها بالدم والاحتلال، وتسعى جاهدة لإيجاد عالم يسوده السلام والمحبة، وقائم على احترام الحقوق والسيادات، ووحدة الأرض.

اليوم، وفي مواجهة رباعية فيينا ومَنْ انضمّ إليها من المدعوين، وبالتوازي معها، يبرز تجهيز قائمة تعويضات وإصلاح ضرر ورأب صدع مع يهود الولايات المتحدة، على نحو يظهر من صحافة العدو التي تعتقد أن الثامن من تشرين الثاني هو الوقت المناسب لذلك، أيّ موعد زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلي لأمريكا. أما ما التعويضات التي على إدارة الرئيس الأميركي أوباما تقديمها «لإسرائيل» ولاسيما للمجموعة اليهودية التي دعمت إدارته، ووقفت منذ عقود مع «الكيان الإسرائيلي» جنباً إلى جنب؟ فهذا أمر متوقّف على الفرصة الذهبية لإصلاح وتدعيم «إسرائيل» كمركز يتطلع إليه كل يهود العالم.

ألم يقل أحد أمراء آل سعود العاملين بإمرة الكيان الصهيوني إنه سيمارس كلَّ نفوذه لكسر المبادرات التي تهدّد «إسرائيل»، وكذلك قوله الذي نقله موقع «روترنت» الإسرائيلي: «إن النزاع في الشرق الأوسط كلّه مسألة حياة أو موت للمملكة السعودية، ونظراً لذلك يجب على السعودية و«إسرائيل» دعم العلاقات بينهما وتمتينها وتشكيل جبهة موحدة».

حقاً، إن ما يقوم به آل سعود اليوم هو بلورة استراتيجية تحالفيّة دفاعية مع «إسرائيل» بما يعيد توحيد العائلة مع مواطنتها «إسرائيل»، يبرزه جلياً مجمل تصريحات آلات مملكة الرمال في كلّ محفل يوجدون فيه.

لقد برزت واضحةً الأصوات الشاذة المكلّفة نيابةً عن جوقة التآمر الاستعمارية بالعزف المنفرد للغة الصهيونية صاحبة المشروع التقسيمي والاستراتيجيات القادمة للمنطقة، والعاملة على حملة دعائية أمريكية لتشويه العملية العسكرية الروسية في سورية.. وبما يؤكد التعاون الوثيق بين أمريكا راعية الإرهاب وأعوانها الداعمين… الأعوان الذين عليهم اقتناص الفرصة الذهبية الآن في المنطقة قبل فوات الأوان، وقبل أن تغرقهم رمال الإرهاب المتحركة!!

بقلم: رغداء مارديني