الدر المنضود من أدب الفردوس المفقود.. دراسات بالشعر الأندلسي لوسام قباني

دمشق-سانا

تصنف الدكتورة وسام قباني في كتابها “الدر المنضود من أدب الفردوس المفقود.. دراسات في الشعر الأندلسي” إبداعات الأندلسيين الشعرية في أربعة اتجاهات وهي فلسفة الداء والدواء وفنية معجم الحماسة وشعرية الماء ورمزية التشكيل البلاغي وجماليات التشكيل اللغوي في شعر ابن زيدون.

وذهبت قباني إلى تفكيك الرابط البنيوي وتحليله بين الداء والدواء في القصيدة الشعرية الأندلسية وفي حضورها الفلسفي والنفسي مستحضرة من الماضي اعتذاريات النابغة الذبياني إلى النعمان بن المنذر التي وجدت لها صدى في أشعار عرب الأندلس لتتحدث الموءلفة بعده عن فلسفة أهل الهوى في إشارتها إلى ما يضطرم في نفس العاشق بانتقاءات حذرة حرصاً على السلوك التطبيقي في المنهج العلمي الذي اعتمدته مستشهدة بابن سهل الاشبيلي الذي قال.. “قلبي بداء الهوى والحب قد تلفا..وناظري لسهاد الليل قد ألفا فلا تعذب يطول الهجر قلب شج..عذاب محنته قبل الصدود كفى يا راحة النفس ويا أنسى القلوب ويا.. قوت الفؤاد ويا من صبا لمن عرفا”.

وفي الوقت عينه أوردت قباني مسالك أخرى في موضوع فلسفة الداء والدواء في الشعر الأندلسي الذي تنوعت نتائجه وأسبابه كاعتذار الرصافي البلنسي وما ورد عند ابن عمار الأندلسي والتي تصف جميعها ما يحسه الشاعر من وهن ونحول واقتراب الموت.

كما اتجهت قباني في كتابها إلى فنية معجم الحماسة في الشعر الأندلسي مشيرة إلى أن الأم العربية في تلك الأرض ربت أبناءها على محبة الوطن فدافعوا عن وطنهم حتى الرمق الأخير وانعكس ذلك على أدبهم.

وفي أدب الحرب بحسب قباني تجلت صورة الجواد والسيف باستخدام جدلية الأنا سلبا وإيجابا وصورة السلاح في الحقيقة والمجاز والحب في الصورة والأسلوب ومن شعراء هذه المسالك ابن زيدون والراضي بن المعتمد ولسان الدين بن الخطيب وابن دراج القسطلي وابن اللبانة.

ولفتت قباني إلى التعالق القدسي القائم بين الماء والحياة وإلى حضوره الواسع وسطوته الكبرى في نفوس القراء معتبرة أن الشاعر البارع يعتمد على الصورة المائية بأشكالها المتعددة ودلالاتها المتنوعة حتى يضمن لصوره الشعرية حضوراً أعمق وتأثيرا أكبر في وجدان المتلقي.

وظهرت تلك المعطيات في الصلة الوثيقة بين الشاعر والطبيعة في ظلال الأندلس فكان الماء أحد أبرز رموز الطبيعة التي استفاد الأندلسي من دلالاتها ولا سيما في بحثه عن الخصب النفسي والمادي وشعر الاستعطاف ومن التجربة الاستعطافية التي ظهرت فيها المسارات السلبية والإيجابية قصائد ابن عمار في اعتذاره إلى المعتمد بن عباد حيث استحضر الماء فقال “بحر إذا ركب العفات سكونه .. وهب الغنى في عزة وسكون وإذا طمى للذنب لم يسمع به .. إلا الدعاء يعان بالتأمين كم اسكب العذب الفرات على فمي .. يرمي يدي باللءلؤ المكنون واليوم قد أصبحت في غمراته.. إن لم تغثني رحمة تنجيني”.

أما جماليات التشكيل اللغوي في شعر ابن زيدون فرأت قباني أن قصائده تنضح بالأناشيد الاستعطافية التي صدح بها في متانات المحنة التي طوقت حياته أمداً غير يسير مشيرة إلى ان أسباب محنته العاطفية والسياسية تمثلت في كيد المنافسين له جراء تعاظم نفوذه ومن علاقته المضطربة مع محبوبته ولادة.

ووقفت قباني في شعر ابن زيدون على مستوى الأداء اللفظي في اعتذارياته وما في قصائده من دلالات وغنى بالفخر والطبيعة كما وقفت على مستوى الأداء التركيبي وما فيه من أسس ولعل في قصيدته التي كتبها لولادة عددا من الأسس التركيبية والبنيوية التي مضت إليها المؤلفة ومنها “لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا.. إذا طالما غير النأي المحبينا والله ما طلبت أهواوءنا بدلاً..منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا”.

ويتضمن الكتاب رصدا لجوانب مهمة من حياة الأندلسيين ولا سيما شعرائهم مع تحليل نفسي لمسببات الاندفاع العاطفي الذي جاء بالشعر الأندلسي ووسائل استخدام البنى والدلالات بشكل تطبيقي مدروس إضافة إلى اعتماد المؤلفة على الاستدلال والتفكيك والوثيقة الشعرية.

يشار إلى أن الكتاب من منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب ويقع في 280 صفحة من القطع المتوسط.

محمد خالد الخضر

تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعونا عبر تطبيق واتس أب :

عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).

تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط:

http://vk.com/syrianarabnewsagency