«واشنطن الداعشية»!

ضمن زحمة الانشغال بتفاصيل المعارك مع الإرهاب في المشرق العربي يجب ألاّ يضيع البحث في حقيقة مصير العراق بعد جلاء الاحتلال الأميركي عنه عام 2011؟.

يكفي إجراء ترتيب زمني للوقائع كي نتمكن من استقراء مستقبل المنطقة كما يخطط له..، فقد انسحبت الولايات المتحدة الأميركية من العراق عام 2011 ولكن بعدما نضجت أرضية تقسيم «فعلي» غير معلن للعراق وفي بعض تفصيلاته معلن وواضح بما فيه الانقسام الاجتماعي الذي يمكن اعتماده كأخطر «إنجازات» الاحتلال..، وفي عام الانسحاب ذاته بدأ غزو عصابات التكفير الوهابية الإرهابية إلى سورية بعد سنوات من العمل السري لخرق المجتمع السوري..، إنّها وقائع مترابطة وليست عبثية أو من باب المصادفة..

أنفقت دول خليجية أموالاً طائلة على الإرهابيين ولكن داعش أصبحت اليوم ذات تمويل ذاتي أيضاً وثري فعوائدها من سرقة النفط السوري والنفط العراقي إضافة إلى موارد أخرى يمكن أن تجعلها أثرى من بعض الدول!. ويكمّل هذا المشهد حصولها على دعم لأسطولها العسكري مما غنمته من أسلحة الجيش العراقي خصوصاً الأسلحة الأميركية الثقيلة والنوعية..، وهنا لا يجوز التغافل عن التصريحات الأميركية والغربية الرسمية الخاصة بتسليح ما تسميه واشنطن قوى معتدلة في الوقت ذاته الذي تضمن فيه عملياً تسليح القوى شديدة التطرف!.

هاهي داعش بكل وهابيتها وتفكيرها التكفيري غير مصنفة كقوى معتدلة، ولكن حصلت -بضمانات واقع عراق ما بعد «جلاء» المحتل الأميركي عنه- على كامل الدعم التسليحي والمالي ومن نفقة الجيش العراقي هذه المرة..!.

أصبحت داعش تمتلك دبابات أميركية ثقيلة ونوعية وأسلحة وذخائر وحتى طائرات مستثمرة كل الظروف التي «صنعتها وتصنعها وترعاها» واشنطن في المنطقة بغية «تسيّد» تنظيم القاعدة فيها..، وفي ذات الوقت الذي يسوّق البيت الأبيض أنّه عدوّ لـ«داعش»!.

لسنا أمام احتمالات تخص سايكس بيكو جديدة بل دخل المشرق العربي في كارثة خطوة تنفيذية على الأرض هي «وهابية المنطقة» بعد خروج الاحتلال الأميركي من العراق..!.

عند فهم أن واشنطن داعشية بذات وهابية السعودية يمكن العمل في صناعة خطط مضادة تنخفض فيها العاطفية السياسية وتزدحم بالمكاشفة السياسية مع الذات على الأقل كمقدمة للأداء على الأرض ضمن رؤية استراتيجية تحدد المطلوب لتفكيك منظمات إرهابية بات بعضها بإمكانيات دولية كبيرة..

بقلم: ظافر أحمد