سيدات مبدعات.. سنية صالح شاعرة النثر الأولى في الوطن العربي

دمشق-سانا

كان على الشاعرة الراحلة سنية صالح أن تواجه واقعاً اجتماعياً يؤثر على انطلاق المرأة إلى عالم الإبداع ونظرة الوسط الأدبي إلى قصيدة النثر ومدى شرعيتها قبل أن يصنفها النقاد كشاعرة النثر الأولى في الوطن العربي.

ولدت سنية في مصياف عام 1935 وهي الشقيقة الوسطى للناقدة خالدة سعيد والفنانة الراحلة مها الصالح عاشت طفولة قاسية بسبب فقدها لأمها التي فقدت حاسة السمع قبل رحيلها فانعكس ذلك على الشاعرة فكانت قليلة الكلام شديدة الحياء في طفولتها.

سنية التي درست الأدب الإنكليزي في بيروت تعرفت مطلع الستينيات ببيت أختها خالدة على الأديب الذي سيكون زوجها وأبا لبناتها وهو محمد الماغوط وستكون هذه العلاقة مؤثرة للغاية على كليهما وعلى نتاجهما الإبداعي.

ورغم رحيل سنية المفجع في آب من عام 1985 بعد رحلة حياة قصيرة إثر وقوعها فريسة بين براثن السرطان ما زالت قصائدها جرحاً مفتوحاً ينزف طفولتها المعذبة وحزنها الوجودي العميق وعذابات الحب وأحلامها المنكسرة التي أرادت أن تقولها شعراً.

كانت سنية ترى الشعر منقذاً ومخلصاً ووسيلة للارتقاء على حطام هذا العالم فجاءت قصيدة “جسد السماء” بمثابة بيانها الشعري الأول الذي وضعها في قلب الساحة الأدبية وسط مجموعة من الشعراء بل إن قصيدتها تفوقت في مسابقة شعرية عام 1961 على قصيدة زوجها الماغوط وفازت بالجائزة.

وصفت حينها لجنة المسابقة القصيدة الفائزة بأنها يتيمة بمعنى أنها لا تنحدر من سلالة ولكنها كانت علامة وفقاً لشقيقتها الناقدة خالدة سعيد على مجيء سنية صالح من خارج الموروثات والمألوف ومن خارج التيارات الجديدة التي كانت تصارع للصمود.

ويحتاج شعر مؤلفة ديوان “الزمان الضيق” إلى أن يقرأ مرة تلو مرة لا لصعوبته وهو أصلاً صاخب بتلقائيته الحية بل ليجد المرتبة التي يستحقها بين الشعراء الحقيقيين ولينال الحظوة التي يستحقها أيضاً.

الناقد الدكتور عبد الله الشاهر وجد أن حياة سنية انعكست على شعرها فطبعته بالحزن والألم لغاية وفاتها مشيراً إلى أن عالمها الأدبي حمل طابعا صوفياً بعكس الماغوط الذي يغوص في السخرية والكوميديا السوداء.

واتسم اشتغال سنية بالقصيدة وفقا للشاهر بأنه يفصح عن مكنونات ذاتها ويعكس بحثها الدائم عن طفولتها الضائعة إضافة إلى الخطاب الذاتي بقصائدها فكأنها تخاطب نفسها وتصالح قضاياها ذاتياً ما يشي بوحدانية الروح وكليتها كما اتسم شعرها بالتضاد بين الحب والعنف واستحضار الأزمنة والإيجاز والتكثيف والترميز.

لم يقتصر نتاج سنية على الشعر والتي قدمت فيه أربع مجموعات آخرها “ذكر الورد” التي كتبتها وهي تصارع المرض بل لها مجموعة قصصية بعنوان “الغبار” ورثاها الماغوط بنص ضمنه في كتابه سياف الزهور والذي وصف بأنه من أفضل المراثي الأدبية في العصر الحديث.

بلال أحمد

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency