أردوغان يصر على الاستمرار بسياساته الرعناء تجاه المنطقة

دمشق-سانا

دعم الإرهاب والقمع والفساد ركائز رئيسية للسياسة التي أنتهجها رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان منذ سنوات أوصل بلاده من خلالها إلى طريق مسدود على صعيد السياستين الداخلية والخارجية وهو ما تجلى بشكل واضح في محاولة الانقلاب ضده والخلافات الحادة بين نظامه وحلفائه السابقين في أوروبا.

محاولة الانقلاب التي جرت يوم الـ 15 من تموز عام 2016 أسقطت القناع عن أردوغان ودفعته إلى إظهار وجهه الحقيقي القبيح والكشف عن سياساته القمعية والإجرامية داخل تركيا وخارجها فاطلق حملات مسعورة للقضاء على خصومه ومعارضي سياساته بحجة الانقلاب وزج آلاف الأتراك داخل السجون في إطار سلسلة اعتقالات عشوائية تعسفية ضارباً عرض الحائط بكل الادانات الدولية والدعوات المتكررة إلى احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير عن الرأي.

عدد المعتقلين الذين زج بهم أردوغان في ظلمات السجون تجاوز 48 ألف شخص باعتراف وزارة داخلية النظام التركي التي تتخذ من التورط في محاولة الانقلاب والارتباط بالداعية التركي فتح الله غولن ذريعة دائمة لاعتقال كل من يتجرأ على التعبير عن رأيه وتوجيه الانتقاد لسياسات النظام التركي.

أردوغان استغل محاولة الانقلاب ونفذ بذريعتها حملة إقالات واسعة طالت عشرات آلالاف من الموظفين في جميع مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية إضافة إلى قمع حرية الصحافة وإغلاق العديد من الصحف ووسائل الإعلام والمواقع الالكترونية بما فيها موقع ويكيبيديا وصولاً إلى فرض حالة الطوارئء في البلاد.

هوس أردوغان في بسط هيمنته على تركيا وصل به إلى إطلاق تهديدات بقطع رؤوس معارضي سياساته ممن اعتبرهم مسؤولين عن محاولة الانقلاب مبدياً رغبته باعادة العمل بعقوبة الإعدام في تركيا وتوحيد زي الأفراد الذين يشتبه في أنهم “انقلابيون” وإخضاعهم للمحاكمة على غرار ما جري في معتقل غوانتانامو العسكري الأمريكي حيث يرتدي السجناء زياً برتقالياً.

سياسات أردوغان القمعية استهدفت حرية التعبير عن الرأي من خلال ممارساتها ضد وسائل الإعلام بشكل مباشر وطالت الكاتب والصحفي حسني محلي مراسل الوكالة العربية السورية للأنباء “سانا” في تركيا حيث تم توقيفه من قبل هذه السلطات في الثالث عشر من كانون الأول عام 2016 بحجة “إهانة أردوغان والحكومة التركية” كما تم اعتقال المئات من الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام لتتصدر تركيا بذلك المرتبة الأولى في لائحة الدول من حيث عدد الصحفيين المعتقلين والمحتجزين حول العالم بحسب منظمة “مراسلون بلا حدود”.

الأحكام التعسفية بحق الصحفيين ما زالت مستمرة منذ محاولة الانقلاب ضد أردوغان حيث أصدرت محكمة تابعة للنظام التركي اليوم أحكاماً بالسجن بحق خمسة صحفيين أتراك بينهم “حسين اكيول” مدير تحرير صحيفة “اوزغور غونديم” التي أقفلت بموجب قرار من سلطات نظام أردوغان في تشرين الأول 2016 إضافة إلى الصحفي رجب دوران الذي سبق أن أمضى سبعة أشهر في السجن بعد إدانته بتهمة “الدعاية الإرهابية” على خلفية مقال نشرته الصحيفة.

منظمة “مراسلون بلا حدود” نددت باحكام النظام التركي التعسفية مبينة أن الهدف من حملة التضامن مع غونديم هو “الدفاع عن التعددية وحرية الصحافة” وذلك بحسب بيان ليوهان بير مدير مكتب أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى في المنظمة التي يلاحق كذلك مراسلها في تركيا لمشاركته في حملة التضامن مع الصحيفة التركية.

سلطات النظام التركي أغلقت اكثر من 80 مؤسسة إعلامية في إطار حملة القمع وكم الافواه التي يتبعها النظام التركي بشكل ممنهج والتي أثارت انتقادات واسعة داخل تركيا وخارجها حيث أكد عضو البرلمان التركي عن حزب الشعب الجمهوري باريش ياركاداش أن اردوغان “استهدف ويستهدف الصحفيين لأنه عدو مباشر لهم وسعى الى القضاء على كل المعارضين له ولسياساته الاستبدادية التي جعلت من تركيا سجنا كبيرا”.

وعلى الصعيد الدولي طالب مسؤولون دوليون ومنظمات حقوقية نظام أردوغان بالتخلي عن سياسات قمع الحريات والإفراج عن الصحفيين لكن أردوغان ضرب بهذه الدعوات عرض الحائط بينما تعالت الأصوات المنددة بتصرفاته في أوروبا مع استمرار حملة الاعتقالات التي يجريها.

وفي هذا الإطار أعربت مفوضة السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني عن قلق الاتحاد العميق من عمليات الاعتقال في تركيا بينما دعت فرنسا النظام التركي إلى “احترام سيادة القانون والحقوق الأساسية بما في ذلك الديمقراطية وحرية التعبير”.

بدورها وصفت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إجراءات النظام التركي ضد وسائل الإعلام بـ “المقلقة للغاية” بينما كشف تقرير لموقع التواصل الاجتماعي تويتر أن تركيا تعتبر الأسوأ عالمياً في مجال حرية التعبير عن الرأي حيث كان لها النصيب الأكبر في طلبات حذف وإزالة مواد وإغلاق للصفحات الواردة على الموقع.

عضوة البرلمان الأوروبي ميخالا شويدروفا دعت مؤخراً إلى دعم الصحفيين الأتراك المعتقلين في سجون النظام التركي مشيرة إلى أن أردوغان يزيد من تقييد حرية الصحافة وأن المعتقلين في سجونه يخضعون لعملية تحقيق طويلة وقاسية دون محاكمات أو أدلة.

وانتقدت منظمة “هيومان رايتس ووتش” ممارسات النظام التركي التعسفية ضد المعارضين السلميين مؤءكدة أنه استخدم محاولة الانقلاب ذريعة لشن حملة قمع واسعة استهدفت المعارضين السلميين ولتقويض الديمقراطية في تركيا.

وقال هيوغ ويليامسون مسؤءول شؤون أوروبا وآسيا الوسطى في هيومان رايتس ووتش: “إنه من خلال عزل وإقالة واعتقال آلاف الأشخاص دون اتباع الإجراءات القانونية الضرورية وإسكات وسائل الإعلام المستقلة وسجن برلمانيين باتت تركيا غارقة في أسوأ أزماتها”.

ومازالت تركيا تتجه في عهد أردوغان نحو الأسوأ في ظل سياسات فاشلة قائمة على القمع والفساد والتعاون الوثيق مع التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها “داعش” والتي قدم لها رئيس النظام التركي أراضي بلاده كممر ومقر ودعمها بالمال والسلاح متجاهلاً تبعات هذه السياسة الرعناء على تركيا والمنطقة برمتها.

انظر ايضاً

أردوغان يقر بخسارة حزبه في الانتخابات المحلية في تركيا

أنقرة-سانا أقر رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان بخسارة حزبه (حزب العدالة والتنمية)