الاستسلام لــ”الرفس” الأميركي! بقلم: أحمد ضوا

لم يعد سراً ان الغرب بالقيادة الأميركية لم يقبل بعد بوجود قوى جديدة منافسة على الساحة الدولية، الامر الذي تعكسه السياسات والتصرفات الأميركية، والتي من جهة تهدد السلم والاستقرار المتهالكين في العالم،ومن جهة أخرى تدق ربما الإسفين الاخير في عرش الامم المتحدة ومؤسساتها.‏‏

إن تعامل إدارة ترامب مع الملف النووي الإيراني الذي يحكمه الاتفاق الذي تم إبرامه بين ايران والدول الخمس وتم تصديقه واقراره بكامل اعضاء مجلس الأمن يكشف مدى استهتار واشنطن بالشرعية الدولية عندما لا تتوافق بشكل كامل مع المصالح القومية الأميركية.‏‏

لا شك ان إصرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب على «تمزيق» هذا الاتفاق ينطوى على لعبة خطيرة جدا لن يكون تجاوز آثارها صعبة الحصر بالإمكان وخاصة اذا وصلت الى اندلاع حرب من المستحيل السيطرة على نيرانها.‏‏

إن إيران التي انتهجت طريقا ديبلوماسيا ناجحا في التفاوض حول ملفها النووي وأثبتت للعالم طبيعته السلمية، ما زالت تتعامل بهدوء وروية وعقلانية مع التهديدات الاميركية، ولكن ذلك لن يستمر اذا أقدمت الولايات المتحدة على نسف الاتفاق النووي، وبالتأكيد لدى طهران خيارات عديدة للحفاظ على مصالح شعبها والدفاع عن حقوقها.‏‏

من الواضح أن إدارة ترامب تدفع نحو الصدام في المنطقة، فمن طرف تنقل سفارتها الى القدس المحتلة وما يشكل ذلك من خرق فاضح لكل القرارات الدولية، ومن جانب آخر تضغط على حلفائها الاوروبيين للانسحاب من الاتفاق النووي الايراني وتشحن الدول الخليجية ضد ايران، وكل ذلك يفتح الباب امام حرب جديدة تسعى اسرائيل ان يكون طرفاها ايران ودول الخليج العربي.‏‏

هناك عوامل كثيرة تجعل الواقع في المنطقة قابل للانفجار ولتغيير وجهة الصراع واولها وصول الاطراف الداعمة للتنظيمات الارهابية الى الحائط المسدود في كل مشاريعها في المنطقة والفشل الذريع الذي تواجهه على كل الجبهات السياسية والعسكرية والاقتصادية .‏‏

وفي الطرف الآخر المقاوم للتدخلات الاجنبية والمكافح للارهاب، الوضع ايضا معقد جدا حيث لم يترك هذا التحالف اي سبيل الا واستخدمه ليعرّف أعداءه ان مشاريعهم بإسقاط سورية وايران فشلت، الامر الذي قد يفتح الباب للتفكير بخيارات جديدة تربك الطرف الآخر وتدفعه لإدراك حقيقة الواقع الجديد الذي بدأ يتكون من رحم هزيمة الارهاب في سورية.‏‏

الأشهر القليلة القادمة قد تكون حبلى بالتطورات المتناقضة والخطيرة في آن معاً، ومن واجب المحور المواجه للارهاب ان يتحسب لجميع الخيارات وحتى السلمية منها، فـ» الحمار الاميركي «لا يكف عن الرفس في كل الاتجاهات وعينه لا تنزاح عن مدخرات واموال الدول الخليجية.‏‏

وكما كان النفط نتيجة لسوء ادارة استخراجه عبئا ثقيلا على العرب، اليوم تتحول المدخرات الناجمة عنه الى هم كبير لا تنفك الدول الغربية عن ابتداع كل الوسائل للاستحواذ عليها، وصفقات السلاح هي الطريق الأقصر لذلك .‏‏

من الواضح أن إدارة ترامب تحاول إبعاد كيان الاحتلال الاسرائيلي عن ساحة الصراع الجديدة التي تحاول رسمها وهذا غير كاف او ضامن لحماية اسرائيل من نيرانها المستعرة، وخاصة ان أغلبية دول المنطقة تعي حقيقة الدور الاسرائيلي في كل التحركات الاميركية العدوانية.‏‏

في ظل هذا الواقع تبدو دول الخليج التي وصل الحقد بينها الى حالة قريبة من الانفجار مستسلمة للاوامر الغربية، وتصريحات المسؤولين الخليجيين تشي بأن الاستسلام للرفس الأميركي أمر لا مفرّ منه.‏‏

صحيفة الثورة