كتاب الدبان الذهبيان لحسن حميد..مسيرة حياة وإبداع بوشكين وتشايكوفسكي

دمشق-سانا

كتاب الدبان الذهبيان للأديب الدكتور حسن حميد بحث استقصائي نقدي في السيرة الذاتية وتلازمها مع السيرة الإبداعية الكتابية لعلمين روسيين كبيرين هما الشاعر والروائي والمسرحي بوشكين والموسيقي العالمي تشايكوفسكي.

وتأتي أهمية هذا الكتاب للدكتور حميد لما تشكله السيرة الحياتية من عوامل كاشفة لاتجاهات الأعلام الإبداعية ولكونها البيئة المحرضة للدوافع الانفعالية المولدة للإبداع.

ويسلط حميد الضوء على ثقافة الاستحواذ الصهيونية العنصرية التي تلهث لتزوير التاريخ ونسب المنجزات الانسانية العظام لكيانها الطفيلي الإرتحالي المريض فيجلي بتقصيه الدقيق وتتبعه للتفاصيل الشخصية والأسرية والمجتمعية التي تؤكد أن ألكسندر بوشكين لم يكن على علاقة بالصهاينة ولا باليهود لا بانتساب ولا بمصاهرة أو صداقة أو عقيدة.

ويعرض حميد لحياة بوشكين المولود عام 1799 لأبوين روسيين حيث كان والده سيرغي لفوكيش يكتب الشعر بالروسية والفرنسية وحظي بقيمة اجتماعية مهمة وامتلك مكتبة ضخمة تعج بالكتب الفرنسية مبينا أن الشاعر الروسي تخرج من المعهد الامبراطوري عام 1817 وعين موظفا في وزارة الخارجية الروسية.

ويوضح حميد أن بوشكين شخصية عاشت حالة من التناقضات والقلق الاجتماعي وعدم الاستقرار والحرمان الذي أدى به إلى ميول وتوجهات سلوكية صدامية مع المجتمع حيث أثرت هذه المرحلة من حياته على جمالية القصيدة التي يكتبها ما نبهه بعد زمن بخطورة ذلك فلجأ إلى الطبيعة يلوذ بها وتعايش مع الفلاحين فكانت الطبيعة يدا رحيمة لقصيدة بوشكين والتي أصبحت مليئة بمعاني الحياة والجمال.

وتعرض بوشكين بحسب حميد لكثير من المكائد من حاسديه وخصومه والمحمومين من ابداعاته فأذي بحياته المهنية والاجتماعية إضافة لعلاقته القلقة بزوجته والأقاويل التي كانت تثار حولها ما دفعه لخوض مبارزة أودت بحياته وهو شاب سنة 1837 إلا أن ابداعه كان المنتصر في النهاية.

ويتناول حميد في مؤلفه بعضا من منجزات بوشكين الشعرية والمسرحية والروائية سابرا لأغوارها تحليلا وتعليلا ومنها رسلان ولودميلا الذي استلهمه بوشكين من عملين أدبيين فذين هما ألف ليلة وليلة واسطورة يوليسيس ليصوغ اسطورة روسية خالدة محتشدة بالمكر من جهة وبالنبل والفروسية من جهة ثانية ومسرحيته الشعرية يفغيني أونجيين والتي تشتمل على براعات فنية وموضوعات اجتماعية تتجلى أهميتها بكونها تحمل نبوءة مقتل بوشكين إضافة إلى مسرحية مورزات وسالييري التي حاكت إبداع هذا الموسيقي النمساوي الفذ وموته على يد منافسه الإيطالي سالييري وقصيدة الغجر وغيرها.

ويوضح حميد أن بوشكين قدم أدبا منفتحا إنسانيا عالج فيه الأمراض والظواهر الاجتماعية كما كتب عن الإنسان النبيل وعن الإنسان الشرير وعن الجمال وعن القبح في مختلف طبقات المجتمع.

وقبل أن يغوص الدكتور حميد في حياة الموسيقي العالمي تشايكوفسكي يروي واقعة طريفة عن تعرفه على الموسيقا الكلاسيكية وأعلامها على يد الباحث الموسيقي الراحل صميم الشريف إبان تدريسه له مادة الموسيقا في دار المعلمين.

وأشار حميد إلى أن تشايكوفسكي من مواليد مدينة فوتكنسك عام 1840 درس القانون وتوظف في العدلية الروسية واهتم بالموسيقا وصقلها بالدراسة الأكاديمية وبات من أهل الموسيقا في العام 1866 وتصاعدت موهبته وخبراته الموسيقية وكتب العديد من المؤلفات والسيمفونيات والأعمال الأوبرالية كالفويفودا وأندوين ومقدمة مسرحية روميو وجولييت.

ويعرض المؤلف لعدد من الرسائل التي تبادلها الموسيقي الروسي مع شقيقه والأرملة ناديا فون ميك التي ساعدته في بداية مسيرته حيث تكشف هذه الرسائل الطبيعة القلقة والعاطفية التي اتسمت بها شخصية تشايكوفسكي والحرب الشعواء التي شنها ضده نقاد وموسيقيون والتي لم تستطع إيقاف صعوده نحو القمة.

ورأى حميد في كتابه أن أعمال تشايكوفسكي الأوبرالية حققت نجاحات متباينة في تفاعل الجمهور معها لافتا إلى علاقته الوطيدة مع عدد من الكتاب والأدباء والشعراء المهتمين بالتراث الشعبي مثل تولستوي وتفاعله وانفتاحه مع الأعمال الموسيقية الأوروبية وأعلامها وإعجابه الشديد بموزارت.

وأوضح حميد أن تشايكوفسكي بالرغم من الذي أثير حول شخصيته من شبهات في السلوك المغاير لقيم مجتمعه إلا أنه كان شديد الحرص على أن لا يسيء لمنظومته الأخلاقية والاجتماعية إضافة إلى أنه بنى مدرسة موسيقية غنية بالإبداع.

وكتاب الدبان الذهبيان صادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب ويقع في 464 صفحة من القطع المتوسط والكاتب حميد عضو في اتحاد الكتاب العرب حاصل على دبلوم دراسات عليا في التربية ترجمت بعض قصصه ورواياته إلى عدة لغات ومن مؤلفاته زعفران والمداسات المعتمة وهناك قرب شجر الصفصاف وقرنفل أحمر لأجلها و حقي الكلام وأنين القصب.

محمد الخضر