رئيس وحدة تنسيق مكافحة الإرهاب في فرنسا يحذر من خطورة عودة فرنسيين يقاتلون بصفوف الإرهابيين في سورية

باريس-سانا

حذر رئيس وحدة تنسيق مكافحة الإرهاب في فرنسا لوك غانيير من خطورة عودة الإرهابيين الأوروبيين الذين يقاتلون ضمن المجموعات الإرهابية المسلحة في سورية على “الأمن الوطني” للدول الأوروبية التي تصدر هؤلاء الإرهابيين ولاسيما فرنسا مشيرا إلى التحدي الهائل الذي يواجه أجهزة الأمن الفرنسية في مواجهة ما وصفته صحيفة لوفيغارو شبح “الجهادية” الذي يحوم بشكل كبير حول فرنسا.

وقال غانيير الرئيس السابق للفرع الجنائي الفرنسي في حوار أجراه معه كريستوف كونوفان ونشرته صحيفة لو فيغارو الفرنسية اليوم بعنوان “القاعدة تدرب الفرنسيين لضرب أوروبا” إن “هؤلاء الإرهابيين الذين ليس بالضرورة خرجوا من فرنسا يحلمون بالضرب متى وأينما يريدون” مشيرا إلى أنه يوجد في فرنسا حاليا مئات من الأشخاص يحتمل أنهم خطيرون ويعبرون عن رغبتهم بالذهاب لـ “الجهاد” وهم تحت المراقبة وقال “إنها مسألة سلامة أساسية ولكنه أيضا تحد للصحة العامة إذ إننا نواجه عددا مهما من الشبان الصغار الذين لا يتصورون إلى أي مدى يعرضون حياتهم وصحتهم العقلية للخطر”.

وردا على سؤال عن وجود نحو 320 مواطنا فرنسيا في صفوف “المجموعات المسلحة” المتطرفة في سورية والوسائل لمعرفة ما يفعلونه قال غانيير “هناك على الحدود التركية مهربون يتولون أمورهم ليوصلوهم بين أيدي هياكل مقاتلة لديهم معها اتصالات أسرية وودية أو جغرافية وهم يخضعون لتقييم شامل من أجل اختبار صدق التزامهم وإمكانياتهم الجسدية والعملياتية ومعرفتهم بالنصوص الدينية ومن ثم يتبعون دروسا دينية ويستخدمون أسلحة خفيفة بشكل عام”.

وأضاف “إن مدة هذه التمرينات تختلف من أسبوعين إلى شهر أو شهر ونصف الشهر قبل أن يتم إرسالهم للقتال أو للقيام بمهام محدودة مرتبطة باللوجستية تشمل حراسة السجناء أو المخطوفين” مشيرا إلى أن أقلية فقط طلب منهم أن يصبحوا انتحاريين على صورة هؤلاء الذين تميزوا في سورية وفي العراق أيضا”.

وعبر غانيير عن قلقه إزاء الخطر الحقيقي الذي يشكله هؤلاء الإرهابيون المسلحون والمدربون وقال “إن عواقب وجود هؤلاء في سورية سلبية جدا إذ إن الأفراد الذين يعودون هم في أغلب الأحيان خطرون وقد يكونون ارتكبوا أو شهدوا الفظائع الرهيبة وشاركوا في حرب في ظروف وحشية بشكل كبير ونتيجة لذلك فإنهم يكشفون درجة من التسامح في العنف التي لا نعرفها في مجتمعنا الغربي وسيتوجب علينا أن نواجه عودة شبان يمثلون خطرا نفسيا حقيقيا والمعاناة من أعراض صدمة قوية مماثلة لتلك التي واجهها قدامى المحاربين في أفغانستان أو فيتنام دون الأخذ بالاعتبار أن تكون فعالة ويمكننا أن نخشى حدوث سلوك غير متوقع وعنيف”.

وجوابا عن سؤال عن احتمال تحول هؤلاء الإرهابيين إلى قنابل موقوتة قال غانيير “إننا نعرف أن البعض من الشبان “جهاديون” أوروبيون من بينهم فرنسيون وقد أخذهم تنظيم القاعدة الإرهابي على عاتقه وهو يدربهم بهدف تنفيذ هجمات في أوروبا” مبينا أنه يتم اختيار هؤلاء “على أساس معايير لغوية وقدرتهم على الاندماج في الشعوب الغربية والضرب في اللحظة المناسبة وبكل تصميم ومن الضروري أن يتعلموا تقنية تصنيع القنابل اليدوية وفن المواربة والدم البارد من أجل ارتكاب عملية انتحارية بعد أن يكونوا قد أخضعوا لعملية غسل دماغ” مضيفا أن “مصادر جدلية في تنظيم القاعدة الإرهابي تقول “أينما تكون اضرب الكافر اضرب المرتد” لذلك نحن بمواجهة تهديد متعدد الأوجه فهي ظاهرة لم نعرفها من قبل وهذا هو قلقنا الكبير”.

وعن تعاطي أجهزة الشرطة الفرنسية مع هذه المخاطر أوضح غانيير أن هذا التهديد يتضخم ومن الواضح أن الحجم الذي لم يسبق له مثيل من “الجهاديين” يتطلب نهجا مختلفا للاستهداف وقال “حتى لو كنا نحاول أن تكون لنا عين على كل العالم نحن مضطرون لتحديد أولويات أهدافنا بالنظر إلى أن المراقبة لشخص واحد على مدى 24 ساعة تتطلب كحد أدنى 20 موظفا يجب تجديدهم كل يومين من أجل تجنب عدم التعرف عليهم وذلك أمر مستحيل كما أنه غير مرغوب بمراقبة جميع الناس”.

وتابع رئيس وحدة تنسيق مكافحة الإرهاب الفرنسية “ليس من الضرورة أن نحدد بأننا نتابع عن قرب هؤلاء التكفيريين الذين يعودون من سورية والذين تظهر عليهم علامات واضحة مثل الانفصال الحاد عن البيئة الأسرية والنداءات للكراهية على الملأ أو عن طريق الانترنت” لافتا إلى هؤلاء الذين حاولوا أن يشوشوا على مساراتهم قبل أن يعودوا إلى فرنسا.

وقال: في الوقت الراهن هناك 850 “جهاديا” فرنسيا محتملا منهم 31 قتلوا والبعض أخذ طريق العودة.

وعن جدية المعلومات حول وجود تهديد بهجوم على فرنسا أكد غانيير أن فرنسا أكثر من أي وقت مضى هي الهدف الرئيسي لتنظيم القاعدة لأنها حسب قوله “تدعو إلى العلمانية التي ترفض أي شكل من اشكال التفاخر الديني وأن جنودنا يحاربون في مالي وأيضا في أفغانستان وأخيرا فإن التدخل في أفريقيا الوسطى اعتبر كحملة صليبية غربية” معتبرا أن التهديد حتى الآن ليس وشيكا على الرغم من أن التقديرات في هذا المجال لاتزال غير مؤكدة.

وأوضح غانيير أنه دون عمل الشرطة الفرنسية التي قامت بعدة اعتقالات وفككت خلايا إرهابية جاهزة للعمل لكانت فرنسا مسرحا لأعمال خطرة جدا مذكرا بمجموعة كان وتورسي وخصوصا الذين تم اعتراضهم وبحوزتهم أربع قنابل كانوا مستعدين لتفجيرها وزرع الموت.

ورفعت الدول الغربية التي تورطت بدعم المجموعات الإرهابية في سورية بالمال والسلاح من درجة تخوفها من عودة الإرهابيين الذين صدرتهم إلى سورية وتنفيذ جرائم إرهابية داخل أوروبا حيث لجأت أجهزة الاستخبارات الفرنسية إلى فرض رقابة دقيقة على الإرهابيين العائدين من سورية والمغادرين إليها رغم إقرار الاستخبارات الفرنسية بصعوبة هذه العملية.

وتشير الاستخبارات الفرنسية إلى صعوبة مراقبة الإرهابيين الذين يتسللون من الحدود التركية إلى سورية بدعم من حكومة رجب طيب أردوغان ما يصعب مهمة أجهزة مكافحة الإرهاب في كشفهم والتي تخشى أن تواجه مفاجآت سيئة على هذا الصعيد.

وكان الرئيس السابق للإدارة المركزية للاستخبارات الفرنسية الداخلية برنار سكاوارسيني فضح السياسات التي اتبعتها فرنسا إزاء ما يجري في سورية منذ بداية الأزمة فيها في كتاب نشره بعنوان “الاستخبارات الفرنسية.. الرهانات الجديدة” وعرى الدول الداعمة للمجموعات الإرهابية مؤكدا فضل الحكومة السورية في إحباط الكثير من الهجمات التى كانت تستهدف فرنسا على أراضيها.

انظر ايضاً

بيسكوف يكشف سبب رد الفعل السلبي للغرب على مبادرة بوتين حول السلام في أوكرانيا

موسكو-سانا أوضح المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف أن سبب رد الفعل السلبي للغرب على …